معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَأَوۡرَثۡنَا ٱلۡقَوۡمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسۡتَضۡعَفُونَ مَشَٰرِقَ ٱلۡأَرۡضِ وَمَغَٰرِبَهَا ٱلَّتِي بَٰرَكۡنَا فِيهَاۖ وَتَمَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ ٱلۡحُسۡنَىٰ عَلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ بِمَا صَبَرُواْۖ وَدَمَّرۡنَا مَا كَانَ يَصۡنَعُ فِرۡعَوۡنُ وَقَوۡمُهُۥ وَمَا كَانُواْ يَعۡرِشُونَ} (137)

وقوله : { وَأَوْرَثْنا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَها }

فتنصب مشارق ومغارب تريد : في مشارق الأرض وفي مغاربها ، وتوقع ( وأورثنا ) على قوله { الَّتِي بَارَكْنا فِيها } . ولو جعلت ( وأورثنا ) واقعة على المشارق والمغارب لأنهم قد أُورثوها وتجعل ( التي ) من نعت المشارق والمغارب فيكون نصبا ، وإن شئت جعلت ( التي ) نعتا للأرض فيكون خفضا .

وقوله : ( وما ظلمونا ) يقول : وما نقصونا شيئا بما فعلوا ، ولكن نقصوا أنفسهم . والعرب تقول : ظلمت سِقاءك إذا سقيته قبل أن يُمخض ويخرج زُبْده . ويقال ظلم الوادي إذا بلغ الماء منه موضعا لم يكن ناله فيما خلا ؛ أنشدني بعضهم :

يكاد يطلع ظلما ثم يمنعه *** عن الشواهِق فالوادِي به شِرق

ويقال : إنه لأظلم من حيَّة ؛ لأنها تأتى الجُحْر ولم تحفِره فتسكنه . ويقولون : ما ظلمك أن تفعل ، يريدون : ما منعك أن تفعل ، والأرض المظلومة : التي لم ينلها المطر ، وقال أبو الجراح : ما ظلمك أَن تفيء ، لرجل شكا كثرة الأكل . ويقال صَعِق الرجل وصُعِق إذا أخذته الصاعقة ، وسَعِد وسُعِد ورَهِصت الدابة ورُهِصت .