{ وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمات ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون( 137 ) } :
الحسنى : تأنيث الأحسن صفة للكلمة .
{ 137 – وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها . . . }
أي : بعد أن أغرق الله فرعون وقومه ، نجّى موسى وقومه بني إسرائيل الذين كانوا يستضعفون بقتل الرجال واستخدام الإناث وإذلالهم واستعبادهم .
أورثهم الأرض التي عبروا البحر إليها وهي فلسطين ، وقد أورثهم مشارقها ومغاربها ، أو أورثهم مشارق أرض الشام ومغاربها .
أو مشارق أرض فلسطين من حدود الشام ومغاربها من حدود مصر ، وقد بارك الله في هذه الأرض بركات مادية ومعنوية ، فقد بارك الله فيها بالخصب وسعة الرزق ، وجعلها موئل الرسالات والنبوات وبها المسجد الأقصى الذي دخله أعداد من الرسل والأنبياء .
قال تعالى : { سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله . . . }( الإسراء : 1 ) .
وقال تعالى عن إبراهيم عليه السلام : { ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين } . ( الأنبياء : 71 )
وقال تعالى عن إبراهيم عليه السلام : ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها لعالمين . ( الأنبياء : 71 ) .
وقال تعالى : { ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها . . . }( الأنبياء : 81 ) .
وتمت كلمت ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا .
أي : ونفذت كلمة الله ومضت على بني إسرائيل تامة كاملة بسبب صبرهم على الشدائد التي كابدوها من فرعون وقومه ، وقد كان وعد الله تعالى إياهم مقرونا بأمرهم بالصبر والاستقامة ، وقد وعد الله العاملين بالنصر والتمكين .
قال تعالى : { ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون . ( القصص : 5 ، 6 ) .
وقريب من ذلك قوله تعالى : { قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين } . ( الأعراف : 128 ) .
{ ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون } .
أي : وخربنا ما كان يصنع فرعون وقومه من القصور والصروح والعمارات ، وما كان يهتمون بغرسه من البساتين والجنات ، وتلك نهاية عادلة لطغيان فرعون واستعلائه في الأرض بغير الحق .
تحدث القرآن عن بني إسرائيل بأنهم عندما آمنوا بموسى واتبعوا أوامر التوراة ؛ أعطاهم الله النصر والتمكين في الأرض فأورثهم فلسطين عندما كانوا مسلمين حقا ، ومؤمنين صادقين .
وفي هذا الإطار نجد آيات كريمة تتحدث عن تفضيلهم وإكرامهم ونصرهم .
مثل قوله تعالى : { يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين . ( البقرة : 47 ) .
ومثل الآية التي نشرحها حيث يقول تعالى : { وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمت ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا . ( الأعراف : 137 ) .
وعندما قست قلوبهم ، وحرفوا التوراة ، وأضافوا إليها ما ليس منها ، وتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لعنهم الله ، وكتب عليهم الذلة والمسكنة ، وسلط عليهم أعدائهم في القديم والحديث ، فقد سلط عليهم بختنصر البابلي قبل الميلاد ، وسلط عليهم الرومان والألمان والعرب المسلمين ؛ عقوبة على فسادهم .
قال تعالى : { لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون . ( المائدة : 78 ، 79 ) .
وقال تعالى : { وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا * فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا * ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا * وإن أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا * عسى ربكم أن يرحمكم وأن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا . ( الإسراء : 4 - 8 ) .
وهذه الآيات تفيد أن بني إسرائيل سيفسدون في أرض فلسطين مرتين أي : مرة بعد أخرى .
وفي المرة الأولى يسلط الله عليهم عبادا ينفذون أمره ولعل هذا الإنسان هو بختنصر البابلي ، وقد حارب بني إسرائيل في سنة 606 ، وفي سنة 599 ، وفي سنة 588 ق . م . ثم ساعدهم قورش ملك الفرس سنة 526 ق . م ، فعادوا لبلادهم وأعادوا بناء هيكلهم .
ولعل المسلط عليهم في المرة الثانية هم الرومان بقيادة تيطس سنة 70 م .
وقد قتل منهم تيطس مليون قتيل وأسر منهم مائة ألف أسير .
ثم تفرقوا في البلاد وأصبح تاريخهم ملحقا بتاريخ الممالك التي نزلوا فيها .
ولم يرجع اليهود إلى فلسطين إلا في العصر الحديث ، بعد أن ظلت فلسطين في يد العرب المسلمين 1300 سنة ، ومنذ ذلك الحين وفلسطين بلد من بلاد المسلمين علينا استرداده وتحريره بإذن الله ، والله مع المتقين !
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.