الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَأَوۡرَثۡنَا ٱلۡقَوۡمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسۡتَضۡعَفُونَ مَشَٰرِقَ ٱلۡأَرۡضِ وَمَغَٰرِبَهَا ٱلَّتِي بَٰرَكۡنَا فِيهَاۖ وَتَمَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ ٱلۡحُسۡنَىٰ عَلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ بِمَا صَبَرُواْۖ وَدَمَّرۡنَا مَا كَانَ يَصۡنَعُ فِرۡعَوۡنُ وَقَوۡمُهُۥ وَمَا كَانُواْ يَعۡرِشُونَ} (137)

قوله تعالى : { وَأَوْرَثْنَا القوم الذين كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مشارق الأرض ومغاربها . . . } [ الأعراف :137 ]

{ الذين كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ } كنايةٌ عن بني إسرائيل ، و{ مشارق الأرض ومغاربها } . قال الحسنُ وغيره : هي الشامُ ، وقالتْ فرقة : يريد الأرضَ كلَّها ، وهذا يتَّجه إِمَّا على المَجازِ ، لأنه ملَّكهم بلاداً كثيرة ، وإِما على الحقيقة في أَنَّه ملك ذرِّيَّتهم ، وهمْ سليمانُ بنُ دَاوُدٌ ، ويترجَّح التأويل الأَول بوَصْف الأرض بأنها التي بَارَكَ فيها سبحانه .

وقوله سبحانه : { وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الحسنى } ، أي : ما سبق لهم في علمه وكلامِهِ في الأزلِ من النَّجَاة من عدوِّهم ، والظهور عليه ، قاله مجاهد ، و{ يَعْرِشُونَ } قال ابن عباس ومجاهد : معناه يبنون .

قال ( ع ) : رأيتُ للحسنِ البصريِّ رحمه اللَّه ، أنَّه احتجَّ بقوله سبحانه : { وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ . . . } إلى آخر الآية ، على أنه ينبغي أَن لاَّ يخرج عن ملوك السُّوء ، وإِنما ينبغي أنْ يُصْبَر عليهم ، فإِن اللَّه سبحانه يدمِّرهم ، ورأَيْتُ لغيره ، أنه إِذا قابل الناسُ البلاء بمثله ، وَكَّلَهُمُ اللَّهُ إلَيْه ، وإِذا قابلوه بالصبر ، وانتظارِ الفَرَجِ ، أتى اللَّه بالفَرَج ، ورُوِي هذا أيضاً عن الحسن .