قوله تعالى : { قال الملأ الذين استكبروا من قومه } ، يعني الرؤساء الذين تعظموا عن الإيمان به .
قوله تعالى : { لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا } ، لترجعن إلى ديننا الذي نحن عليه .
قوله تعالى : { أو لو كنا كارهين } ، يعني : لو كنا ، أي : وإن كنا كارهين لذلك فتجبروننا عليه .
{ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ْ } وهم الأشراف والكبراء منهم الذين اتبعوا أهواءهم ولهوا بلذاتهم ، فلما أتاهم الحق ورأوه غير موافق لأهوائهم الرديئة ، ردوه واستكبروا عنه ، فقالوا لنبيهم شعيب ومن معه من المؤمنين المستضعفين : { لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا } استعملوا قوتهم السبعية ، في مقابلة الحق ، ولم يراعوا دينا ولا ذمة ولا حقا ، وإنما راعوا واتبعوا أهواءهم وعقولهم السفيهة التي دلتهم على هذا القول الفاسد ، فقالوا : إما أن ترجع أنت ومن معك إلى ديننا أو لنخرجنكم من قريتنا .
ف { شعيب } عليه الصلاة والسلام كان يدعوهم طامعا في إيمانهم ، والآن لم يسلم من شرهم ، حتى توعدوه إن لم يتابعهم - بالجلاء عن وطنه ، الذي هو ومن معه أحق به منهم .
ف { قَالَ } لهم شعيب عليه الصلاة والسلام متعجبا من قولهم : { أَوَ لَوْ كُنَّا كَارِهِينَ } أي : أنتابعكم على دينكم وملتكم الباطلة ، ولو كنا كارهين لها لعلمنا ببطلانها ، فإنما يدعى إليها من له نوع رغبة فيها ، أما من يعلن بالنهي عنها ، والتشنيع على من اتبعها فكيف يدعى إليها ؟
هذا إخبار من الله [ تعالى ]{[11965]} عما واجهت به الكفار نبي الله شعيبًا ومن معه من المؤمنين ، في{[11966]} توعدهم إياه ومن معه بالنفي من القرية ، أو الإكراه على الرجوع في مِلَّتهم والدخول معهم فيما هم فيه . وهذا خطاب مع الرسول والمراد أتباعه الذين كانوا معه على الملة .
وقوله : { أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ } يقول : أو أنتم فاعلون ذلك ولو كنا{[11967]} كارهين ما تدعونا إليه ؟
وتقدم القول في معنى { الملأ } ومعنى الاستكبار ، وقولهم : { لنخرجنك يا شعيب } تهديد بالنفي ، والقرية المدينة الجامعة للناس لأنها تقرت أي اجتمعت ، وقولهم أو { لتعودن في ملتنا } معناه أو لتصيرن ، وعاد : تجيء في كلام العرب على وجهين :
أحدهما عاد الشيء إلى حال قد كان فيها قبل ذلك ، وهي على هذه الجهة لا تتعدى فإن عديت فبحرف ، ومنه قول الشاعر : [ السريع ]
إن عادت العقرب عدنا لها*** وكانت النعل لها حاضرة
ألا ليت أيام الشباب جديدُ*** وعصراً تولّى يا بثين يعودُ
ومنه قوله تعالى : { ولو ردوا لعادوا لما نهوا }
فإن تكن الأيام أحسن مرة*** إليّ فقد عادَتْ لَهُنَّ ذُنُوبُ
والوجه الثاني أن تكون بمعنى صار وعاملة عملها ولا تتضمن أن الحال قد كانت متقدمة . ومن هذه قول الشاعر : [ البسيط ]
تلك المكارم لاقعبان من لبن*** شِيبَا بماء فعادا بعد أبوالا
ومنه قوله تعالى : { حتى عاد كالعرجون القديم } على أن هذه محتملة .
فقوله في الآية { أولتعودن } وشعيب عليه السلام لم يكن قط كافراً يقتضي أنها بمعنى صار . وأما في جهة المؤمنين بعد كفرهم فيترتب المعنى الآخر ويخرج عنه «شعيب » إلا أن يريدوا عودته إلى حال سكوته قبل أن يبعث .
وقوله { أو لو كنا كارهين } توقيف منه لهم على شنعة المعصية ، وطلبٌ أن يقروا بألسنتهم بإكراه المؤمنين بالله على الإخراج ظلماً وغشماً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.