السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{۞قَالَ ٱلۡمَلَأُ ٱلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ لَنُخۡرِجَنَّكَ يَٰشُعَيۡبُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَكَ مِن قَرۡيَتِنَآ أَوۡ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَاۚ قَالَ أَوَلَوۡ كُنَّا كَٰرِهِينَ} (88)

{ قال الملأ } أي : الجماعة { الذين استكبروا } أي : تكبروا { من قومه } عن الإيمان بالله ورسوله وتعظموا عن اتباع شعيب عليه الصلاة والسلام { لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن } أي : ترجعن { في ملتنا } أي : لا بدّ من أحد الأمرين إمّا إخراجك ومن اتبعك على دينك من بلدنا أو عودكم في الكفر .

فإن قيل : شعيب لم يكن قط على ملتهم حتى يرجع إلى ما كان عليه ؟ أجيب : بأنّ أتباع شعيب كانوا على ملة أولئك الكفار فخاطبوا شعيباً وأتباعه جميعاً فدخل هو في الخطاب وإن لم يكن على ملتهم قط ؛ لأنّ الأنبياء لا يجوز عليهم الكفر مطلقاً ، فاستعمل العَود في حقهم على سبيل المجاز .

وجرى بعضهم على أن العود يستعمل بمعنى صار كما يستعمل بمعنى رجع ، فلا يستلزم الرجوع إلى حالة سابقة بل هو انتقال من حالة سابقة إلى حالة مستأنفة ، كما قال القائل :

فإن تكن الأيام تحسن مرّة *** إليّ فقد عادت لهنّ ذنوب

أراد فقد صارت لهنّ دنوب ولم يرد أن ذنوباً كانت لهنّ قبل الإحسان .

{ قال } لهم شعيب على سبيل الاستفهام الإنكاري { أولو كنا كارهين } أي : كيف نعود فيها ونحن كارهون لها ، وقيل : لا نعود فيها وإن أكرهتمونا وجبرتمونا على الدخول فيها لا نقبل ولا ندخل .