التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{۞قَالَ ٱلۡمَلَأُ ٱلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ لَنُخۡرِجَنَّكَ يَٰشُعَيۡبُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَكَ مِن قَرۡيَتِنَآ أَوۡ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَاۚ قَالَ أَوَلَوۡ كُنَّا كَٰرِهِينَ} (88)

{ أو لتعودن في ملتنا } أي : ليكونن أحد الأمرين : إما إخراجهم ، أو عودهم إلى ملة الكفر .

فإن قيل : إن العود إلى الشيء يقتضي أنه قد كان فُعل قبل ذلك ، فيقتضي قولهم : { لتعودن في ملتنا } أن شعيبا ومن كان معه كانوا أولاً على ملة قومهم ، ثم خرجوا منها ، فطلب قومهم أن يعودوا إليها وذلك محال ؛ فإن الأنبياء معصومون من الكفر قبل النبوة وبعدها ، فالجواب من وجهين : أحدهما : قاله ابن عطية وهو أنَّ عادَ قد تكون بمعنى صار ، فلا يقتضي تقدم ذلك الحال الذي صار إليه .

والثاني : قاله الزمخشري : وهو أن المراد بذلك الذين آمنوا بشعيب دون شعيب ، وإنما أدخلوه في الخطاب معهم بذلك كما أدخلوه في الخطاب معهم في قولهم : { لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك } ، فغلَّبوا في الخطاب بالعَود الجماعة على الواحد ، وبمثل ذلك يجاب عن قوله : { إن عدنا في ملتكم } ، { وما يكون لنا أن نعود فيها } .

{ قال أو لو كنا كارهين } ، الهمزة للاستفهام والإنكار ، والواو للحال ، تقديره : أنعود في ملتكم ويكون لنا أن نعود فيها ونحن كارهون ؟