معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ ءَامِنُواْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ نُؤۡمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا وَيَكۡفُرُونَ بِمَا وَرَآءَهُۥ وَهُوَ ٱلۡحَقُّ مُصَدِّقٗا لِّمَا مَعَهُمۡۗ قُلۡ فَلِمَ تَقۡتُلُونَ أَنۢبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن قَبۡلُ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (91)

قوله تعالى : { وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله } . يعني القرآن .

قوله تعالى : { قالوا نؤمن بما أنزل علينا } . يعني التوراة ، يكفينا ذلك .

قوله تعالى : { ويكفرون بما وراءه } . أي بما سواه من الكتب كقوله عز وجل ( فمن ابتغى وراء ذلك ) أي سواه ، وقال أبو عبيدة : بما بعده .

قوله تعالى : { وهو الحق } . يعني القرآن .

قوله تعالى : { مصدقاً } . نصب على الحال .

قوله تعالى : { لما معهم } . من التوراة .

قوله تعالى : { قل } . لهم يا محمد .

قوله تعالى : { فلم تقتلون } . أي قتلتم .

قوله تعالى : { أنبياء الله من قبل } . ولم : أصله لما فحذفت الألف فرقاً بين الخبر والاستفهام كقولهم فيم وبم .

قوله تعالى : { إن كنتم مؤمنين } . بالتوراة ، وقد نهيتم فيها عن قتل الأنبياء عليهم السلام .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ ءَامِنُواْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ نُؤۡمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا وَيَكۡفُرُونَ بِمَا وَرَآءَهُۥ وَهُوَ ٱلۡحَقُّ مُصَدِّقٗا لِّمَا مَعَهُمۡۗ قُلۡ فَلِمَ تَقۡتُلُونَ أَنۢبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن قَبۡلُ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (91)

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ * وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }

أي : وإذا أمر اليهود بالإيمان بما أنزل الله على رسوله ، وهو القرآن استكبروا وعتوا ، و { قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ } أي : بما سواه من الكتب ، مع أن الواجب أن يؤمن بما أنزل الله مطلقا ، سواء أنزل عليهم ، أو على غيرهم ، وهذا هو الإيمان النافع ، الإيمان بما أنزل الله على جميع رسل الله .

وأما التفريق بين الرسل والكتب ، وزعم الإيمان ببعضها دون بعض ، فهذا ليس بإيمان ، بل هو الكفر بعينه ، ولهذا قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا }

ولهذا رد عليهم تبارك وتعالى هنا ردا شافيا ، وألزمهم إلزاما لا محيد لهم عنه ، فرد عليهم بكفرهم بالقرآن بأمرين فقال : { وَهُوَ الْحَقُّ } فإذا كان هو الحق في جميع ما اشتمل عليه من الإخبارات ، والأوامر والنواهي ، وهو من عند ربهم ، فالكفر به بعد ذلك كفر بالله ، وكفر بالحق الذي أنزله .

ثم قال : { مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ } أي : موافقا له في كل ما دل عليه من الحق ومهيمنا عليه .

فلم تؤمنون بما أنزل عليكم ، وتكفرون بنظيره ؟ هل هذا إلا تعصب واتباع للهوى لا للهدى ؟

وأيضا ، فإن كون القرآن مصدقا لما معهم ، يقتضي أنه حجة لهم على صدق ما في أيديهم من الكتب ، قلا سبيل لهم إلى إثباتها إلا به ، فإذا كفروا به وجحدوه ، صاروا بمنزلة من ادعى دعوى بحجة وبينة ليس له غيرها ، ولا تتم دعواه إلا بسلامة بينته ، ثم يأتي هو لبينته وحجته ، فيقدح فيها ويكذب بها ، أليس هذا من الحماقة والجنون ؟ فكان كفرهم بالقرآن ، كفرا بما في أيديهم ونقضا له .

ثم نقض عليهم تعالى دعواهم الإيمان بما أنزل إليهم بقوله : { قُلْ } لهم : { فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ ءَامِنُواْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ نُؤۡمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا وَيَكۡفُرُونَ بِمَا وَرَآءَهُۥ وَهُوَ ٱلۡحَقُّ مُصَدِّقٗا لِّمَا مَعَهُمۡۗ قُلۡ فَلِمَ تَقۡتُلُونَ أَنۢبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن قَبۡلُ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (91)

يقول تعالى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ } أي : لليهود وأمثالهم من أهل الكتاب { آمِنُوا بِمَا أَنزلَ اللَّهُ } [ أي ]{[2168]} : على محمد صلى الله عليه وسلم وصدقوه واتبعوه { قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزلَ عَلَيْنَا } أي : يكفينا الإيمان بما أنزل علينا من التوراة والإنجيل ولا نقر إلا بذلك ، { وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ } يعنى : بما بعده { وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ } أي : وهم يعلمون أن ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم الحق{[2169]} { مُصَدِّقًا }{[2170]} منصوب على الحال ، أي في حال تصديقه لما معهم من التوراة والإنجيل ، فالحجة قائمة عليهم بذلك ، كما قال تعالى : { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ } [ البقرة : 146 ] ثم قال تعالى : { [ قُلْ ]{[2171]} فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } أي : إن كنتم صادقين في دعواكم الإيمان بما أنزل إليكم ، فلم قتلتم الأنبياء الذين جاؤوكم بتصديق التوراة التي بأيديكم والحكم بها وعدم نسخها ، وأنتم تعلمون صدقهم ؟ قتلتموهم بغيًا [ وحسدًا ]{[2172]} وعنادًا واستكبارًا على رسل الله ، فلستم تتبعون إلا مجرد الأهواء ، والآراء والتشهي{[2173]} كما قال تعالى { أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ } [ البقرة : 87 ] .

وقال السدي : في هذه الآية يعيرهم الله تعالى : { قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }

وقال أبو جعفر بن جرير : قل يا محمد ليهود بني إسرائيل - [ الذين ]{[2174]} إذا قلت لهم : آمنوا بما أنزل الله قالوا : { نُؤْمِنُ بِمَا أُنزلَ عَلَيْنَا } - : لم تقتلون{[2175]} - إن كنتم يا معشر اليهود مؤمنين بما أنزل الله عليكم - أنبياءه وقد حرم الله في الكتاب الذي أنزل عليكم قتلهم ، بل أمركم فيه باتباعهم وطاعتهم وتصديقهم ، وذلك من الله تكذيب لهم في قولهم : { نُؤْمِنُ بِمَا أُنزلَ عَلَيْنَا } وتعيير لهم .


[2168]:زيادة من ط، ب، و.
[2169]:في و: "هو الحق".
[2170]:في جـ: "مصدقا لما معهم".
[2171]:زيادة من جـ، ط، ب، و.
[2172]:زيادة من جـ.
[2173]:في جـ: "والشهوة".
[2174]:زيادة من ب.
[2175]:في جـ، ط: "تقتلون أنبياء الله من قبل".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ ءَامِنُواْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ نُؤۡمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا وَيَكۡفُرُونَ بِمَا وَرَآءَهُۥ وَهُوَ ٱلۡحَقُّ مُصَدِّقٗا لِّمَا مَعَهُمۡۗ قُلۡ فَلِمَ تَقۡتُلُونَ أَنۢبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن قَبۡلُ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (91)

{ وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله } يعم الكتب المنزلة بأسرها . { قالوا نؤمن بما أنزل علينا } أي بالتوراة { ويكفرون بما وراءه } حال من الضمير في قالوا ، ووراء في الأصل جعل ظرفا ، ويضاف إلى الفاعل فيراد به ما يتوارى به وهو خلفه ، وإلى المفعول فيراد به ما يواريه وهو قدامه ، ولذلك عد من الأضداد . { وهو الحق } الضمير لما وراءه ، والمراد به القرآن { مصدقا لما معهم } حال مؤكدة تتضمن رد مقالهم ، فإنهم لما كفروا بما يوافق التوراة فقد كفروا بها { قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين } اعتراض عليهم بقتل الأنبياء مع إدعاء الإيمان بالتوراة والتوراة لا تسوغه ، وإنما أسنده إليهم لأنه فعل آبائهم ، وأنهم راضون به عازمون عليه . وقرأ نافع وحده أن " أنباء الله " مهموزا في جميع القرآن .