تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ ءَامِنُواْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ نُؤۡمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا وَيَكۡفُرُونَ بِمَا وَرَآءَهُۥ وَهُوَ ٱلۡحَقُّ مُصَدِّقٗا لِّمَا مَعَهُمۡۗ قُلۡ فَلِمَ تَقۡتُلُونَ أَنۢبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن قَبۡلُ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (91)

الآية 91 وقوله تعالى : { وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله } على محمد صلى الله عليه وسلم من القرآن [ وقوله ]{[1109]} { قالوا نؤمن بما أنزل علينا } يعني التوراة ، وهم لم يكونوا آمنوا بها{[1110]} [ لأنهم لو كانوا آمنوا بها ]{[1111]} لكان في الإيمان بها إيمان بمحمد{[1112]} صلى الله عليه وسلم وبما أنزل إليه وإيمان بجميع الأنبياء [ والرسل عليهم السلام وبجميع ما انزل عليهم ]{[1113]} لأن فيها الأمر بالإيمان بجميع [ الأنبياء ]{[1114]} والرسل وكتبهم ، لأنه قال : { مصدقا لما معهم } [ أي موافقا له ]{[1115]} . فالإيمان بواحد منهم إيمان بجميع الكتب ، إذ بعضهم موافق لبعض .

وقوله : { ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم } قيل : وراء التوراة كفروا بالإنجيل والفرقان ، كأنه قال : كفروا بالذي وراءه [ وهو الحق ؛ إذ هما موافقان لما معه{[1116]} غير مخالفين{[1117]} له ، ويحتمل : { ويكفرون بما وراءه } ]{[1118]} ، يعني وراء موسى بعيسى وبمحمد [ صلوات الله عليهم وسلامه ]{[1119]} كأنه قال : من وراءه صلى الله عليه وسلم .

وقوله : { قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين } فإن قالوا : إنا لم نقتل الأنبياء ، ونحن مؤمنون ، قيل لهم : إنكم وإن لم تتولوا القتل ، فقد رضيتم بصنيع أولئك ، واتبعتم لهم مع ما قد هموا بقتل محمد صلى الله عليه وسلم [ مرارا ]{[1120]} ، ولذلك أضيف إليهم ، وقيل : أخبر عز وجل نبيه [ سيدنا محمد ]{[1121]} صلى الله عليه وسلم غاية سفههم وعتوهم ومكابرتهم في تكذيبه ؛ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا اليهود إلى الإيمان به وبما أنزل عليه ، فقالوا : ائتنا{[1122]} بالآيات والقربان كما كانت الأنبياء من قبل يأتون بها قومهم .

يقول الله عز وجل : قد كانت الأنبياء من قبل تجيء بما تقولون إلى آبائكم من الآيات والقربان ، فكانوا يقتلونهم ، فيقول الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم { قل } لهم{[1123]} { فلم تقتلون } ؛ يقول : لم قتل أباؤكم أنبياء الله قبل محمد صلى الله عليه وسلم ؟ وقد جاؤوا بالآيات والقربان إن كنتم صادقين بأن الله تعالى { عهد إلينا } في التوراة { ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار } [ آل عمران : 183 ] وقد جاؤوا به ، فلم قتلوهم ؟ [ فهم ، والله أعلم ]{[1124]} ، أخذوا هذه المحاجة من أوائلهم ، وقد{[1125]} علموا بما ظهرت نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وأنه مبعوث ، وأنتم تقلدونهم ، فقلدوهم بما أنبئتم ]{[1126]} لو أوتيتم ، كما قلدتموهم ، وقد{[1127]} علمتم بما عاينتم أن{[1128]} لا حجة لكم ، والله أعلم .


[1109]:- من ط م.
[1110]:- في ط م: بالتوراة.
[1111]:- من ط م.
[1112]:- من ط م، في الأصل و ط ع: محمد..
[1113]:- في الأصل: عليهم السلام، في ط م: والرسل وبجميع ما أنزل إليهم، في ط ع: والرسل وبجميع ما أنزل عليهم، عليهم السلام.
[1114]:- ساقطة من النسخ الثلاث.
[1115]:- في النسخ الثلاث: وموافقا.
[1116]:- في ط م: معهم.
[1117]:- في ط م: مخالف.
[1118]:- من ط م، ساقطة من الأصل و ط ع.
[1119]:- في ط م: صلى الله عليه وسلم.
[1120]:- من ط م.
[1121]:-في الأصل و ط ع: سيدنا محمد، ساقطة من ط م.
[1122]:- في ط ع: آمنا.
[1123]:- في ط م: أن قل لهم.
[1124]:- في النسخ الثلاث، فهو والله أعلم أنهم.
[1125]:- في النسخ الثلاث: وإن
[1126]:- في النسخ الثلاث: فتقلدونهم لو أوتيتم.
[1127]:- في النسخ الثلاث: وإن.
[1128]:- في النسخ الثلاث: إذ.