بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ ءَامِنُواْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ نُؤۡمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا وَيَكۡفُرُونَ بِمَا وَرَآءَهُۥ وَهُوَ ٱلۡحَقُّ مُصَدِّقٗا لِّمَا مَعَهُمۡۗ قُلۡ فَلِمَ تَقۡتُلُونَ أَنۢبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن قَبۡلُ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (91)

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ } ، أيّ صدِّقوا بالقرآن الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وهم يهود أهل المدينة ومن حولها . { قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا } في التوراة وبموسى عليه السلام { وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ } ، يعني بما سواه وهو القرآن . { وَهُوَ الحق مُصَدّقًا لّمَا مَعَهُمْ } ، أي القرآن هو الصدق ، وهو منزل من الله تعالى موافق لما معهم ، يعني أنهم إذا جحدوا بالقرآن صار جحوداً لما معهم ، لأنهم جحدوا بما هو مصدق لما معهم فقالوا له : إنك لم تأتنا بمثل الذي أتانا به أنبياؤنا ، ولم يكن لنا نبي إلا كان يأتينا بقربان تأكله النار .

قال الله تعالى : { قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاء الله مِن قَبْلُ } وقد جاؤوا بالقربان والبينات أي بالعلامات { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } ، أي إن كنتم مصدقين بالأنبياء . فهذا اللفظ للمستأنف وهو قوله { فَلِمَ تَقْتُلُونَ } ، ولكن المراد منه الماضي وإنما خاطبهم وأراد به آباءهم . وفي الآية دليل أن من رضي بالمعصية فكأنه فاعل لها ، لأنهم كانوا راضين بقتل آباءهم الأنبياء ، فسماهم الله تعالى قاتلين . وفي الآية دليل أن من ادعى أنه مؤمن ، ينبغي أن تكون أفعاله مصدقة لقوله ، لأنهم كانوا يدعون أنهم مؤمنون بما معهم . قال الله تعالى : { فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاء الله } ، يعني أي كتاب يجوِّز قتل نبي من الأنبياء عليهم السلام وأي دين وإيمان جوَّز فيه ذلك يعني قتل الأنبياء .