قوله تعالى : { وإذا قيل لهم آمنوا } أي صدقوا . { بما أنزل الله } يعني القرآن . { قالوا نؤمن } أي نصدق . { بما أنزل علينا } يعني التوراة . { ويكفرون بما وراءه } أي بما سواه ، عن الفراء . وقتادة : بما بعده ، وهو قول أبي عبيدة ، والمعنى واحد . قال الجوهري : وراء بمعنى خلف ، وقد تكون بمعنى قدام . وهي من الأضداد ، قال الله تعالى : { وكان وراءهم ملك{[978]} } أي أمامهم ، وتصغيرها وريئه ( بالهاء ) وهي شاذة . وانتصب " وراءه " على الظرف . قال الأخفش : يقال لقيته من وراء ، فترفعه على الغاية إذا كان غير مضاف تجعله اسما وهو غير متمكن ، كقولك : من قبل ومن بعد ، وأنشد : إذا أنا لم أُومَنْ عليك ولم يكن *** لقاؤك إلا من وراءُ وراءُ{[979]}
قلت : ومنه قول إبراهيم عليه السلام في حديث الشفاعة : " إنما{[980]} كنت خليلا من وراء وراء " . والوراء : ولد الولد أيضا .
قوله تعالى : { وهو الحق } ابتداء وخبر . { مصدقا } حال مؤكدة عند سيبويه . { لما معهم } ما في موضع خفض باللام ، و " معهم " صلتها ،
و " معهم " نصب بالاستقرار ، ومن أسكن جعله حرفا .
قوله تعالى : { قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل } رد من الله تعالى عليهم في قولهم إنهم آمنوا بما أنزل عليهم ، وتكذيب منه لهم وتوبيخ ، المعنى : فكيف قتلتم وقد نهيتم عن ذلك ! فالخطاب لمن حضر محمدا صلى الله عليه وسلم والمراد أسلافهم . وإنما توجه الخطاب لأبنائهم ؛ لأنهم كانوا يتولون أولئك الذين قتلوا ، كما قال : { ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء{[981]} } [ المائدة : 81 ] فإذا تولوهم فهم بمنزلتهم . وقيل : لأنهم رضوا فعلهم فنسب ذلك إليهم . وجاء { تقتلون } بلفظ الاستقبال وهو بمعنى المضي لما ارتفع الإشكال بقوله : { من قبل } . وإذا لم يشكل فجائز أن يأتي الماضي بمعنى المستقبل ، والمستقبل بمعنى الماضي ،
قال الحطيئة : شهد الحطيئةُ يوم يلقى ربه *** أن الوليدَ أحقُّ بالعذر
قوله تعالى : { إن كنتم مؤمنين } أي إن كنتم معتقدين الإيمان فلم رضيتم بقتل الأنبياء ! وقيل : " إن " بمعنى ما ، وأصل " لم " لما ، حذفت الألف فرقا بين الاستفهام والخبر ، ولا ينبغي أن يوقف عليه ؛ لأنه إن وقف عليه بلا هاء كان لحنا ، وإن وقف عليه بالهاء زيد في السواد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.