معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞قَالَ ٱلۡمَلَأُ ٱلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ لَنُخۡرِجَنَّكَ يَٰشُعَيۡبُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَكَ مِن قَرۡيَتِنَآ أَوۡ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَاۚ قَالَ أَوَلَوۡ كُنَّا كَٰرِهِينَ} (88)

قوله تعالى : { قال الملأ الذين استكبروا من قومه } ، يعني الرؤساء الذين تعظموا عن الإيمان به .

قوله تعالى : { لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا } ، لترجعن إلى ديننا الذي نحن عليه .

قوله تعالى : { قال } شعيب .

قوله تعالى : { أو لو كنا كارهين } ، يعني : لو كنا ، أي : وإن كنا كارهين لذلك فتجبروننا عليه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞قَالَ ٱلۡمَلَأُ ٱلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ لَنُخۡرِجَنَّكَ يَٰشُعَيۡبُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَكَ مِن قَرۡيَتِنَآ أَوۡ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَاۚ قَالَ أَوَلَوۡ كُنَّا كَٰرِهِينَ} (88)

{ 88 - 93 ْ }

{ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ْ } وهم الأشراف والكبراء منهم الذين اتبعوا أهواءهم ولهوا بلذاتهم ، فلما أتاهم الحق ورأوه غير موافق لأهوائهم الرديئة ، ردوه واستكبروا عنه ، فقالوا لنبيهم شعيب ومن معه من المؤمنين المستضعفين : { لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا } استعملوا قوتهم السبعية ، في مقابلة الحق ، ولم يراعوا دينا ولا ذمة ولا حقا ، وإنما راعوا واتبعوا أهواءهم وعقولهم السفيهة التي دلتهم على هذا القول الفاسد ، فقالوا : إما أن ترجع أنت ومن معك إلى ديننا أو لنخرجنكم من قريتنا .

ف { شعيب } عليه الصلاة والسلام كان يدعوهم طامعا في إيمانهم ، والآن لم يسلم من شرهم ، حتى توعدوه إن لم يتابعهم - بالجلاء عن وطنه ، الذي هو ومن معه أحق به منهم .

ف { قَالَ } لهم شعيب عليه الصلاة والسلام متعجبا من قولهم : { أَوَ لَوْ كُنَّا كَارِهِينَ } أي : أنتابعكم على دينكم وملتكم الباطلة ، ولو كنا كارهين لها لعلمنا ببطلانها ، فإنما يدعى إليها من له نوع رغبة فيها ، أما من يعلن بالنهي عنها ، والتشنيع على من اتبعها فكيف يدعى إليها ؟

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞قَالَ ٱلۡمَلَأُ ٱلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ لَنُخۡرِجَنَّكَ يَٰشُعَيۡبُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَكَ مِن قَرۡيَتِنَآ أَوۡ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَاۚ قَالَ أَوَلَوۡ كُنَّا كَٰرِهِينَ} (88)

هذا إخبار من الله [ تعالى ]{[11965]} عما واجهت به الكفار نبي الله شعيبًا ومن معه من المؤمنين ، في{[11966]} توعدهم إياه ومن معه بالنفي من القرية ، أو الإكراه على الرجوع في مِلَّتهم والدخول معهم فيما هم فيه . وهذا خطاب مع الرسول والمراد أتباعه الذين كانوا معه على الملة .

وقوله : { أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ } يقول : أو أنتم فاعلون ذلك ولو كنا{[11967]} كارهين ما تدعونا إليه ؟


[11965]:زيادة من ك، م.
[11966]:في ك، م، أ: "من".
[11967]:في ك، م، أ: "وإن كنا".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞قَالَ ٱلۡمَلَأُ ٱلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ لَنُخۡرِجَنَّكَ يَٰشُعَيۡبُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَكَ مِن قَرۡيَتِنَآ أَوۡ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَاۚ قَالَ أَوَلَوۡ كُنَّا كَٰرِهِينَ} (88)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ الْمَلاُ الّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنّكَ يَشُعَيْبُ وَالّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَآ أَوْ لَتَعُودُنّ فِي مِلّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنّا كَارِهِينَ } . .

يقول تعالى ذكره : قالَ المَلأُ الّذِينَ اسْتَكْبَرُوا يعني بالملأ : الجماعة من الرجال ، ويعني بالذين استكبروا : الذين تكبروا عن الإيمان بالله والانتهاء إلى أمره واتباع رسوله شعيب لما حذّرهم شعيب بأس الله على خلافهم أمر ربهم ، وكفرهم به . لَنُخْرِجَنّك يا شُعَيْبُ ومن تبعك وصدّقك وآمن بك ، وبما جئت به معك من قريتنا . أو لَتَعُودُنّ في مِلّتِنا يقول : لترجعَنّ أنت وهم في ديننا وما نحن عليه . قال شعيب مجيبا لهم : أَوَ لَوْ كُنّا كارِهِين ؟ .

ومعنى الكلام : أن شعيبا قال لقومه : أتخرجوننا من قريتكم ، وتصدّوننا عن سبيل الله ، ولو كنا كارهين لذلك ؟ ثم أدخلت ألف الاستفهام على واو «أوَ لَوْ » .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{۞قَالَ ٱلۡمَلَأُ ٱلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ لَنُخۡرِجَنَّكَ يَٰشُعَيۡبُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَكَ مِن قَرۡيَتِنَآ أَوۡ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَاۚ قَالَ أَوَلَوۡ كُنَّا كَٰرِهِينَ} (88)

{ قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنّك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملّتنا } أي ليكونن أحد الأمرين إما إخراجكم من القرية أو عودكم في الكفر ، وشعيب عليه الصلاة والسلام لم يكن في ملتهم قط لأن الأنبياء لا يجوز عليهم الكفر مطلقا ، لكن غلبوا الجماعة على الواحد فخوطب هو وقومه بخطابهم ، وعلى ذلك أجرى الجواب في قوله : { قال أوَلو كنا كارهين } أي كيف نعود فيها ونحن كارهون لها ، أو أتعيدوننا في حال كراهتنا .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{۞قَالَ ٱلۡمَلَأُ ٱلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ لَنُخۡرِجَنَّكَ يَٰشُعَيۡبُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَكَ مِن قَرۡيَتِنَآ أَوۡ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَاۚ قَالَ أَوَلَوۡ كُنَّا كَٰرِهِينَ} (88)

كان جوابهم عن حجّة شعيب جوابَ المفحَم عن الحجّة ، الصائر إلى الشدّة ، المزدهي بالقوة ، المتوقّعِ أن يكثر معاندوه ، فلذلك عدلوا إلى إقصاء شعيب وأتباعه عن بلادهم خشية ظهور دعوته بين قومهم ، وبث أتباعه دعوته بين الناس ، فلذلك قالوا : { لنخرجنّك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا } .

وتفسير صدر الآية هو كتفسير نظيره من قصّة ثمود .

وإيثار وصفهم بالاستكبار هنا دون الكفر ، مع أنّه لم يحك عنهم هنا خطاب المستضعفين ، حتّى يكون ذكر الاستكبار إشارة إلى أنّهم استضعفوا المؤمنين كما اقتضته قصة ثمود ، فاختير وصف الاستكبار هنا لمناسبة مخاطبتهم شعيباً بالإخراج أو الإكراه على اتّباع دينهم ، وذلك من فعل الجبّارين أصحاب القوة .

وكان إخراج المغضوب عليه من ديار قبيلته عقوبة متّبعة في العرب إذا أجمعت القبيلة على ذلك ويسمّى هذا الإخراج عند العرب بالخَلْع ، والمخرَج يسمّى خليعاً .

قال امرؤ القيس :

به الذئبُ يعوي كالخليع المعيل . . . وأكدوا التوعّد بلام القسم ونون التوكيد : ليوقن شعيب بأنّهم منجزو ذلك الوعيد .

وخطابهم إيّاه بالنداء جار على طريقة خطاب الغضب ، كما حكى الله قول آزر خطاباً لإبراهيم عليه السلام { أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم } [ مريم : 46 ] .

وقوله : { معك } متعلّق ب { لنخرجنّك } ، ومتعلّق { آمنوا } محذوف ، أي بك ، لأنهم لا يصفونهم بالإيمان الحقّ في اعتقادهم .

والقرية ( المدينة ) لأنها يجتمع بها السكان . والتقرّي : الاجتماع . وقد تقدم عند قوله تعالى : { أوْ كالذي مرّ على قرية } [ البقرة : 259 ] ، والمراد بقريتهم هنا هي ( الأيكة ) وهي ( تبوك ) وقد رددوا أمر شعيب ومن معه بين أن يُخرجوا من القرية وبين العود إلى ملة الكفر .

وقد جعلوا عود شعيب والذين معه إلى ملّة القوم مقسماً عليه فقالوا : { أو لتعودُن } ولم يقولوا : لنخرجنّكم من أرضنَا أو تعودن في ملّتنا ، لأنّهم أرادوا ترديد الأمرين في حيز القسم لأنهم فاعلون أحد الأمرين لا محالة وأنّهم ملحّون في عودهم إلى ملّتهم .

وكانوا يظنّون اختياره العود إلى ملّتهم ، فأكدوا هذا العود بالقسم للإشارة إلى أنّه لا مَحيد عن حصوله عوضاً عن حصول الإخراج لأن أحد الأمرين مُرضٍ للمقسمين ، وأيضاً فإن التوكيد مؤذن بأنّهم إن أبوا الخروج من القرية فإنهم يكرهون على العود إلى ملّة القوم كما دل عليه قول شعيب في جوابهم : { أوَلْو كُنّا كارهين } ولما كان المقام للتوعّد والتّهديد كان ذكر الإخراج من أرضهم أهم ، فلذلك قدموا القسم عليه ثم أعقبوه بالمعطوف بحرف ( أوْ ) .

والعَوْد : الرجوع إلى ما كان فيه المرء من مكان أو عمل ، وجعلوا موافقة شعيب إياهم على الكفر عوداً لأنهم يحسبون شعيباً كان على دينهم ، حيث لم يكونوا يعلمون منه ما يخالف ذلك ، فهم يحسبونه موافقاً لهم من قبل أن يدعو إلى ما دعا إليه .

وشأن الذين أرادهم الله للنبوءة أن يكونوا غير مشاركين لأهل الضلال من قومهم ولكنّهم يكونون قبل أن يُوحى إليهم في حالة خلو عن الإيمان حتى يهديهم الله إليه تدريجاً ، وقومهم لا يعلمون باطنهم فلا حيرة في تسمية قومه مُوافقته إيّاهم عوداً .

وهذا بناء على أن الأنبياء معصومون من الشرك قبل النبوءة ، وذلك قول جميع المتكلمين من المسلمين ، وقد نبّه على ذلك عياض في « الشفاء » في القسم الثالث وأورد قول شعيب : { إنْ عُدنا في ملّتكُم } [ الأعراف : 89 ] وتأول العود بأنّه المصير ، وذلك تأويل كثير من المفسرين لهذه الآية . ودليل العصمة من هذا هو كمالهم ، والدليل مبني على أن خلاف الكمال قبل الوحي يُعد نقصاً ، وليس في الشريعة دليل قاطع على ذلك ، وإنّما الإشكال في قول شعيب { إنْ عدنا في ملّتكم } [ الأعراف : 89 ] فوجهه أنّه أجراه على المشاكلة والتغليب . وكلاهما مصحّح لاستعمال لفظ العود في غير معناه بالنسبة إليه خاصة ، وقد تولى شعيب الجواب عمّن معه من المؤمنين ليقينه بصدق إيمانهم .

والملّة : الدين ، وقد تقدم في قوله تعالى : { ومن يرغب عن ملّة إبراهيم إلاّ مَنْ سَفِه نفسَه } في سورة البقرة ( 130 ) .

وفصل جملة : { قال الملأ } لوقوعها في المحاورة على ما بيناه عند قوله تعالى : { قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها } في سورة البقرة ( 30 ) .