معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ وَنَعۡلَمُ مَا تُوَسۡوِسُ بِهِۦ نَفۡسُهُۥۖ وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَيۡهِ مِنۡ حَبۡلِ ٱلۡوَرِيدِ} (16)

قوله تعالى : { ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه } يحدث به قلبه فلا يخفى علينا سرائره وضمائره ، { ونحن أقرب إليه } أعلم به ، { من حبل الوريد } لأن أبعاضه وأجزاءه يحجب بعضها بعضاً ، ولا يحجب علم الله شيء ، وحبل الوريد عرق العنق ، وهو عرق بين الحلقوم والعلباوين ، يتفرق في البدن ، والحبل هو الوريد ، فأضيف إلى نفسه لاختلاف اللفظين .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ وَنَعۡلَمُ مَا تُوَسۡوِسُ بِهِۦ نَفۡسُهُۥۖ وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَيۡهِ مِنۡ حَبۡلِ ٱلۡوَرِيدِ} (16)

{ 16-18 } { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }

يخبر تعالى ، أنه المتفرد بخلق{[821]}  جنس الإنسان ، ذكورهم وإناثهم ، وأنه يعلم أحواله ، وما يسره ، ويوسوس في صدره{[822]}  وأنه أقرب إليه من حبل الوريد ، الذي هو أقرب شيء إلى الإنسان ، وهوالعرق{[823]}  المكتنف لثغرة النحر ، وهذا مما يدعو الإنسان إلى مراقبة خالقه ، المطلع على ضميره وباطنه ، القريب منه{[824]}  في جميع أحواله ، فيستحي منه أن يراه ، حيث نهاه ، أو يفقده ، حيث أمره ،


[821]:- كذا في ب، وفي أ: أنه الذي خلق.
[822]:- في ب: وتوسوس به نفسه.
[823]:- في ب: العظم.
[824]:- في ب: إليه.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ وَنَعۡلَمُ مَا تُوَسۡوِسُ بِهِۦ نَفۡسُهُۥۖ وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَيۡهِ مِنۡ حَبۡلِ ٱلۡوَرِيدِ} (16)

16

( ولقد خلقنا الإنسان ، ونعلم ما توسوس به نفسه ، ونحن أقرب إليه من حبل الوريد . إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد . ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) . .

إن ابتداء الآية : ( ولقد خلقنا الإنسان ) . . يشير إلى المقتضى الضمني للعبارة . فصانع الآلة أدرى بتركيبها وأسرارها . وهو ليس بخالقها لأنه لم ينشيء مادتها ، ولم يزد على تشكيلها وتركيبها . فكيف بالمنشئ الموجد الخالق ? إن الإنسان خارج من يد الله أصلا ؛ فهو مكشوف الكنه والوصف والسر لخالقه العليم بمصدره ومنشئه وحاله ومصيره . .

( ونعلم ما توسوس به نفسه ) . . وهكذا يجد الإنسان نفسه مكشوفة لا يحجبها ستر ، وكل ما فيها من وساوس خافتة وخافية معلوم لله ، تمهيدا ليوم الحساب الذي ينكره ويجحده !

( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) . . الوريد الذي يجري فيه دمه . وهو تعبير يمثل ويصور القبضة المالكة ، والرقابة المباشرة . وحين يتصور الإنسان هذه الحقيقة لا بد يرتعش ويحاسب . ولو استحضر القلب مدلول هذه العبارة وحدها ما جرؤ على كلمة لا يرضى الله عنها . بل ما جرؤ على هاجسة في الضمير لا تنال القبول . وإنها وحدها لكافية ليعيش بها الإنسان في حذر دائم وخشية دائمة ويقظة لا تغفل عن المحاسبة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ وَنَعۡلَمُ مَا تُوَسۡوِسُ بِهِۦ نَفۡسُهُۥۖ وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَيۡهِ مِنۡ حَبۡلِ ٱلۡوَرِيدِ} (16)

{ ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه } ما تحدثه به نفسه وهو ما يخطر بالبال ، والوسوسة الصوت الخفي ومنها وسواس الحلي ، والضمير لما إن جعلت موصولة والباء مثلها في صوت بكذا ، أو ل { الإنسان } إن جعلت مصدرية والباء للتعدية . { ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } أي ونحن أعلم بحاله ممن كان أقرب إليه { من حبل الوريد } ، تجوز بقرب الذات لقرب العلم لأنه موجبة و { حبل الوريد } مثل في القرب قال :

والموت أدنى لي من الوريد *** . . .

وال { حبل } العرق وإضافته للبيان ، والوريدان عرقان مكتنفان بصفتحي العنق في مقدمها بالوتين يردان من الرأس إليه ، وقيل سمي وريدا لأن الزوج ترده .