جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ وَنَعۡلَمُ مَا تُوَسۡوِسُ بِهِۦ نَفۡسُهُۥۖ وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَيۡهِ مِنۡ حَبۡلِ ٱلۡوَرِيدِ} (16)

وقوله : وَلَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ يقول تعالى ذكره : ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما تحدّث به نفسه ، فلا يخفى علينا سرائره وضمائر قلبه ونَحْنُ أقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ يقول : ونحن أقرب للإنسان من حبل العاتق والوريد : عرق بين الحلقوم والعلباوين ، والحبل : هو الوريد ، فأضيف إلى نفسه لاختلاف لفظ اسميه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : ونَحْنُ أقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ يقول : عرق العنق .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد حَبْلِ الوَرِيدِ قال : الذي يكون في الحلق .

وقد اختلف أهل العربية في معنى قوله : ونَحْنُ أقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ حَبْلٍ الوَرِيدِ فقال بعضهم : معناه : نحن أملك به ، وأقرب إليه في المقدرة عليه . وقال آخرون : بل معنى ذلك : ونَحْنُ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيد بالعلم بما تُوَسْوس به نفسه .