الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ وَنَعۡلَمُ مَا تُوَسۡوِسُ بِهِۦ نَفۡسُهُۥۖ وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَيۡهِ مِنۡ حَبۡلِ ٱلۡوَرِيدِ} (16)

قوله : { وَنَعْلَمُ } : خبرُ مبتدأ مضمرٍ . تقديرُه : ونحن نعلمُ . والجملةُ الاسميةُ حينئذٍ حالٌ . ولا يجوزُ أَنْ يكونَ هو حالاً بنفسه ؛ لأنه مضارعٌ مثبتٌ باشَرَتْهُ الواو . وكذلك قولُه : " ونحن أقربُ " .

قوله : { مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ } هذا كقولهم : مسجد الجامع أي : حبلِ العِرْقِ الوريد ، أو لأنَّ الحبلَ أعمُّ للبيان نحو : بعير سانية ، أو يراد حَبْلُ العاتق فأضيف إلى الوريد كما يضاف إلى العاتِق ، لأنهما في عضو واحد . والوريد : إمَّا بمعنى الوارد ، وإمَّا بمعنى المورود . والوريد : عِرْقٌ كبير في العنق يقال : إنهما وريدان . قال الزمخشري : " عِرْقان مُكْتنفان لصفحتَيْ العُنُق في مُقَدَّمِهما يتصلان بالوَتين ، يَرِدان من الرأس إليه . ويسمَّى وريداً ؛ لأنَّ الروحَ تَرِدُ إليه " . وأنشد :كأنْ وَرِيْدَيْهِ رِشاءُ خُلْبِ ***

وقال الأثرم : " هو نهرُ الجسدِ : هو في القلبِ الوَتينُ ، وفي الظهر الأَبْهَرِ ، وفي الذِّراعِ والفَخِذِ الأَكْحَلُ والنَّسا ، وفي الخِنْصِرِ الأَسْلَم " .