معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَا يُنفِقُونَ نَفَقَةٗ صَغِيرَةٗ وَلَا كَبِيرَةٗ وَلَا يَقۡطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمۡ لِيَجۡزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (121)

قوله تعالى : { ولا ينفقون نفقة } ، أي : في سبيل الله ، { صغيرة ولا كبيرة } ، ولو علاقة سوط ، { ولا يقطعون واديا } ، لا يجاوزون واديا في مسيرهم مقبلين أو مدبرين . { إلا كتب لهم } ، يعني : آثارهم وخطاهم ، { ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون } . روي عن خريم بن فاتك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أنفق نفقة في سبيل الله كتب له سبعمائة ضعف " .

أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أنا عبد الغافر بن محمد ، أنا محمد بن عيسى الجلودي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، أخبرنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي عمرو الشيباني ، عن أبي مسعود الأنصاري قال : " جاء رجل بناقة مخطومة فقال : هذه في سبيل الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة كلها مخطومة " . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا أبو معمر ، حدثنا عبد الوارث ، حدثنا الحسين حدثني يحيى بن أبي كثير حدثني أبو سلمة ، حدثني بسر بن سعيد ، حدثني زيد بن خالد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا ، ومن خلف غازيا في سبيل الله بخبر فقد غزا " .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَا يُنفِقُونَ نَفَقَةٗ صَغِيرَةٗ وَلَا كَبِيرَةٗ وَلَا يَقۡطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمۡ لِيَجۡزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (121)

ثم قال : { وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا } في ذهابهم إلى عدوهم { إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }

ومن ذلك هذه الأعمال ، إذا أخلصوا فيها للّه ، ونصحوا فيها ، ففي هذه الآيات أشد ترغيب وتشويق للنفوس إلى الخروج إلى الجهاد في سبيل اللّه ، والاحتساب لما يصيبهم فيه من المشقات ، وأن ذلك لهم رفعة درجات ، وأن الآثار المترتبة على عمل العبد له فيها أجر كبير .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَا يُنفِقُونَ نَفَقَةٗ صَغِيرَةٗ وَلَا كَبِيرَةٗ وَلَا يَقۡطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمۡ لِيَجۡزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (121)

111

( وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )

وإنه على النفقة الصغيرة والكبيرة أجر . وعلى الخطوات لقطع الوادي أجر . . أجر كأحسن ما يعمل المجاهد في الحياة .

ألا واللّه ، إن اللّه ليجزل لنا العطاء . وإنها واللّه للسماحة في الأجر والسخاء . وإنه لما يخجل أن يكون ذلك كله على أقل مما احتمله رسول اللّه - [ ص ] - من الشدة واللأواء . في سبيل هذه الدعوة التي نحن فيها خلفاء ، وعليها بعده أمناء !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَا يُنفِقُونَ نَفَقَةٗ صَغِيرَةٗ وَلَا كَبِيرَةٗ وَلَا يَقۡطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمۡ لِيَجۡزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (121)

يقول تعالى : ولا ينفق هؤلاء الغزاة في سبيل الله { نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً } أي : قليلا ولا كثيرا { وَلا يَقْطَعُونَ وَادِيًا } أي : في السير إلى الأعداء { إِلا كُتِبَ لَهُمْ } ولم يقل ها هنا " به " لأن هذه أفعال صادرة عنهم ؛ ولهذا قال : { لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } .

وقد حصل لأمير المؤمنين عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، من هذه الآية الكريمة حظ وافر ، ونصيب عظيم ، وذلك أنه أنفق في هذه الغزوة النفقات الجليلة ، والأموال الجزيلة ، كما قال عبد الله بن الإمام أحمد :

حدثنا أبو موسى العنزي ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، حدثني سَكَن بن المغيرة ، حدثني الوليد بن أبي هاشم ، عن فرقد أبي طلحة ، عن عبد الرحمن بن خَبَّاب السلمي قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فحث على جيش العسرة ، فقال عثمان بن عفان ، رضي الله عنه : عليَّ مائة بعير بأحلاسها وأقتابها . قال : ثم حث ، فقال عثمان : عليَّ مائة أخرى بأحلاسها وأقتابها . قال : ثم نزل مرْقاة من المنبر ثم حث ، فقال عثمان بن عفان : علىَّ مائة أخرى بأحلاسها وأقتابها . قال : فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بيده هكذا - يحركها . وأخرج عبد الصمد يده كالمتعجب : " ما على عثمان ما عمل بعد هذا " . {[13992]} وقال عبد الله أيضا : حدثنا هارون بن معروف ، حدثنا ضَمْرَة ، حدثنا عبد الله بن شَوْذَب ، عن عبد الله بن القاسم ، عن كثير مولى عبد الرحمن بن سَمُرة ، عن عبد الرحمن بن سمرة قال : جاء عثمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار في ثوبه حين{[13993]} جَهَّز النبي صلى الله عليه وسلم جيش العسرة قال : فصبها في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها بيده ويقول : " ما ضَرّ ابن عفان ما عمل بعد اليوم " . يرددها مرارا . {[13994]} وقال قتادة في قوله تعالى : { وَلا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلا كُتِبَ لَهُمْ } الآية : ما ازداد قوم من أهليهم في سبيل الله بعدًا إلا ازدادوا من الله قربا .


[13992]:- زوائد المسند (4/75) ورواه الترمذي في السنن برقم (3700) من طريق السكن بن المغيرة به ، وقال الترمذي : "هذا حديث غريب من هذا الوجه لا نعرفه إلا من حديث السكن بن المغيرة".
[13993]:- في ت ، ك : "حتى".
[13994]:- زوائد المسند (5/63) ورواه الترمذي في السنن برقم (3701) من طريق الحسن بن واقع عن ضمرة بن ربيعة به ، وقال الترمذي : "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَا يُنفِقُونَ نَفَقَةٗ صَغِيرَةٗ وَلَا كَبِيرَةٗ وَلَا يَقۡطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمۡ لِيَجۡزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (121)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ، وسائر ما ذكر ، ولا ينالون من عدوّ نيلاً ، ولا ينفقون نفقة صغيرة في سبيل الله ، ولا يقطعون مع رسول الله في غزوه واديا إلا كتب لهم أجر عملهم ذلك ، جزاءً لهم عليه كأحسن ما يجزيهم على أحسن أعمالهم التي كانوا يعملونها وهم مقيمون في منازلهم . كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً . . . الآية ، قال : ما ازداد قوم من أهليهم في سبيل الله بعدا إلا ازدادوا من الله قربا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَا يُنفِقُونَ نَفَقَةٗ صَغِيرَةٗ وَلَا كَبِيرَةٗ وَلَا يَقۡطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمۡ لِيَجۡزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (121)

وقوله { ولا ينفقون } الآية ، قدم الصغيرة للاهتمام أي إذا كتبت الصغيرة فالكبيرة أحرى ، و «الوادي » ما بين جبلين كان فيه ماء أو لم يكن ، وجمعه أودية ، وليس في كلام العرب فاعل وأفعلة إلا في هذا الحرف وحده{[5972]} ، وفي الحديث «ما ازداد قوم من أهليهم في سبيل الله بعداً إلا ازدادوا من الله قرباً »{[5973]} .


[5972]:- سمع من ذلك: ناد وأندية، قال الجوهري: "الجمع أودية على غير قياس كأنه جمع ودي مثل سري وأسرية للنهر"، وقال ابن الأعرابي: "الوادي: يجمع أوداء على أفعال مثل صاحب وأصحاب" وطيء تقول: أوداء، قال جرير: عرفت ببرقة الأوداه رسما محيلا، طال عهدك من رسوم
[5973]:- أخرجه ابن جرير الطبري.