قوله : { وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً } أي : تمرة فما فوقها ، وعلاقة سوط فما فوقها { وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً } قال الزمخشريُّ : " الوَادِي " : كل منفرجٍ بين جبال وآكام يكونُ منفذاً للسبيل ، وهو في الأصل فاعل من : ودَى ، إذا سَالَ ، ومنه " الوَدِيّ " . وقد شاع في استعمال العرب بمعنى الأرض . وجمع على " أوْدِيَة " ، وليس بقياس ، وكان قياسُه " الأوداي " ، ك " أواصل " جمع : " واصل " ، والأصلُ : ووَاصل ، قلبت " الواو " الأولى همزة . وهم قد يستثقلون واحده ، حتى قالوا : " أقَيْتُ " في " وَقيْتُ " . وحكى الخليل ، وسيبويه ، في تصغير واصل اسم رجل " أوَيْصِل " ، ولا يقولون غيره قال النَّحَّاسُ{[18241]} " ولا أعرفُ فاعلاً وأفعلة سواهُ " وقد استدركَ هذا عليه ؛ فزادُوا : نَادٍ وأندية ؛ وأنشدوا : [ الطويل ]
وفِيهمْ مقامَاتٌ حِسَانٌ وُجُوهُهُمْ *** وأنديَةٌ ينْتَابُهَا القوْلُ والفِعْلُ{[18242]}
وقال الفرَّاءُ : إنَّه يجمع على " أوْدَاء " ك " صاحب وأصحاب " ؛ وأنشد لجرير : [ الوافر ]
عَرَفتْ بِبُرقَةِ الأوْدَاءِ رَسْماً *** مُحِيلاً طَالَ عَهْدُكَ مِنْ رُسُومِ{[18243]}
وزاد الرَّاغبُ في " فاعل وأفْعِلَة " : " نَاجٍ وأنْجِيَة " فقد كمُلَتْ ثلاثةُ ألفاظٍ ، في " فاعل وأفْعِلَة " . ويقالُ : أوداه : أي : أهلكه ؛ كأنهم تصَوَّرُوا منه إسالة الدَّم . وسمي الدِّية ديةً ؛ لأنَّها في مقابلة إسالة الدَّم . ومنه " الوَدْيُ " وهو ماءُ الفَحْل عند المداعبة ، وما يخرجُ عند البول ، و " الوَدِيُّ " بكسر الدال وتشديد الياء : صغار النَّحل .
قوله : " إلاَّ كُتِبَ " هذه الجملةُ في محلِّ نصبٍ على الحالِ من " ظَمَأ " وما عطف عليه أي : لا يصيبهم ظمأٌ إلا مكتوباً . وأفرد الضَّمير في " به " ، وإن تقدَّمته أشياء ، إجراء للضمير مجرى اسم الإشارة ، أي : كُتبَ لهم بذلك عملٌ صالحٌ .
قال ابنُ عبَّاسٍ : بكل روعة تنالهم في سبيل الله سبعين ألف حسنةٍ{[18244]} .
وقوله : " إِلاَّ كُتِبَ " كنظيره . يُحتمل أن يعُود على العمل الصالح المتقدم ، وأن يعود على أحد المصدرين المفهومين من " يُنفقُونَ " و " يقْطَعُونَ " ، أي : إلاَّ كتب لهم الإنفاق أو القطع . وقوله : " ليَجْزيهُم " متعلق ب " كُتِبَ " وقوله : { أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } فيه وجهان :
الأول : أنَّ الأحسن من صفة فعلهم وفيها الواجب والمندوب والمباح ، واللهُ تعالى يجزيهم على الأحسنِ ، وهو الواجبُ والمندوب دون المباح .
والثاني : أن الأحسن صفةٌ للجزاء ، أي : يجزيهم جزاء هو أحسن من أعمالهم وأفضل ، وهو الثواب . روى خريم بن فاتك قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم " من أنفقَ نفقةً في سبيلِ اللهِ وكتب اللهُ لهُ سبعمائة ضعفٍ{[18245]} " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.