السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلَا يُنفِقُونَ نَفَقَةٗ صَغِيرَةٗ وَلَا كَبِيرَةٗ وَلَا يَقۡطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمۡ لِيَجۡزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (121)

{ ولا ينفقون } في سبيل الله { نفقة صغيرة } تمرة فما دونها { ولا كبيرة } أي : أكثر منها مثل ما أنفق عثمان رضي الله تعالى عنه في جيش العسرة { ولا يقطعون } أي : يجاوزون { وادياً } أي : أرضا في سيرهم مقبلين أو مدبرين { إلا كتب لهم } ذلك من الإنفاق وقطع الوادي { ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون } أي : يجزيهم الله جزاء هو أحسن من أعمالهم وأجل وأفضل وهو الثواب .

فائدة : الوادي كل منفرج بين جبال وآكام يكون منفذاً للسبيل وهو في الأصل فاعل من ودى إذا سال ومنه الوادي وقد شاع في استعمال العرب بمعنى الأرض يقولون : لا تصلّ في وادي غيرك .

تنبيه : في الآية دليل على فضل الجهاد والإنفاق فيه ويدل عليه أشياء :

منها ما روي عن ابن مسعود قال : جاء رجل بناقة مخطومة فقال : هذه في سبيل الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة كلها مخطومة ) .

ومنها ما روي عن زيد بن خالد أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من جهز غازياً في سبيل الله فقد غزا ومن خلف غازياً في سبيل الله فقد غزا ) .

ومنها ما روي عن سهل بن سعد الساعديّ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها وموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما عليها ) وفي رواية وما فيها .

ومنها ما روي عن أبي سعيد الخدري أنّ رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيّ الناس أفضل ؟ قال : ( مؤمن مجاهد بنفسه في سبيل الله ) قال : ثم أيّ ؟ قال : ( ثم رجل في شعب من الشعاب يعبد الله تعالى ) وفي رواية يتقي الله ويدع الناس من شرّه .