غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَا يُنفِقُونَ نَفَقَةٗ صَغِيرَةٗ وَلَا كَبِيرَةٗ وَلَا يَقۡطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمۡ لِيَجۡزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (121)

120

قوله : { ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة } . قال المفسرون : يريد تمرة فما فوقها وعلاقة سيف أو سوط وما أربى عليها مثل ما أنفق عثمان في جيش العسرة { ولا يقطعون وادياً } أي أرضاً في ذهابهم ومجيئهم وهذا شائع في استعمال العرب يقولون : لا تصل في وادي غيرك . وهو في الأصل فاعل من ودى إذا سال . والوادي كل منعطف بين جبال وآكام يكون منفذاً للسيل . { إلا كتب لهم } ذلك الإنفاق والقطع أو ذلك العمل الصالح المعهود في الآية المتقدمة . ثم ذكر غاية الكتب فقال : { ليجزيهم الله } أي أثبت في صحائفهم لأجل الجزاء جزاء أحسن من أعمالهم وأجل . وقيل : الأحسن من صفة الفعل أي يجزيهم على الأحسن وهو الواجب والمندوب دون المباح . واعلم أنه سبحانه عدد أشياء بعضها ليس من أعمال المجاهدين وهو الظمأ والنصب والمخمصة ، وباقيها من أعمالهم وهي الوطء والنيل والإنفاق وقطع الأرض ، وقسم هذا الباقي قسمين فضم شطراً منه إلى ما ليس من أعمالهم تنبيهاً على أنه في الثواب جارٍ مجرى عملهم ولهذا صرح بذلك فقال : { إلا كتب لهم به عمل صالح } أي جزاء عمل صالح وأكد ذلك بقوله : { إن الله لا يضيع أجر المحسنين } . ثم أورد الشطر الباقي لغرض آخر وهو الوعد بأحسن الجزاء ، واقتصر هاهنا على قوله { إلا كتب لهم } لأن هذا القسم من عملهم فلم يحتج إلى تصريح بذلك ، أو اكتفاء بما تقدم ، أو لأن الضمير عائد إلى المصدر الدال عليه الفعل والله تعالى أعلم بمراده .

/خ129