معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡحَكِيمِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة يونس عليه الصلاة والسلام مكية وآياتها تسع ومائة إلا ثلاث آيات من قوله : { فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك . . . } إلى آخرها .

قوله تعالى : { الر } . و { آلمر } قرأ أهل الحجاز ، والشام وحفص : بفتح الراء فيهما . وقرأ الآخرون : بالإمالة . قال ابن عباس والضحاك : { آلر } أنا الله أرى ، و والمراد أنا الله أعلم وأرى ، وقال سعيد بن جبير : { الر ، وحم ، ون } حروف اسم الرحمن ، وقد سبق الكلام في حروف التهجي . { تلك آيات الكتاب الحكيم } ، أي : هذه ، وأراد بالكتاب الحكيم القرآن ، وقيل : أراد بها الآيات التي أنزلها من قبل ذلك ، ولذلك قال : { تلك } ، وتلك إشارة إلى غائب مؤنث ، والحكيم : المحكم بالحلال والحرام ، والحدود والأحكام ، فعيل بمعنى مفعل ، بدليل قوله :{ كتاب أحكمت آياته } [ هود-1 ] . وقيل : هو بمعنى الحاكم ، فعيل بمعنى فاعل ، دليله قوله عز وجل : { وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس } [ البقرة-213 ] . وقيل : هو بمعنى المحكوم ، فعيل بمعنى المفعول ، قال الحسن : حكم فيه بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ، وبالنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي ، وحكم فيه بالجنة لمن أطاعه وبالنار لمن عصاه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡحَكِيمِ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة يونس مكية

{ 1 - 2 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ * أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ }

يقول تعالى : { الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ } وهو هذا القرآن ، المشتمل على الحكمة والأحكام ، الدالة آياته على الحقائق الإيمانية والأوامر والنواهي الشرعية ، الذي على جميع الأمة تلقيه بالرضا والقبول والانقياد .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡحَكِيمِ} (1)

مقدمة السورة:

القول في تفسير السورة التي يذكر فيها يونس صلى الله عليه وسلم

بسم الله الرحمَن الرحيم

تأويل قوله تعالى : { الَر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ } .

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في ذلك ، فقال بعضهم : تأويله أنا الله أرى . ذكر من قال ذلك :

حدثنا يحيى بن داود بن ميمون الواسطي ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، في قوله : الر : أنا الله أرى .

حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا شريك ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي الضحى عن ابن عباس ، قوله : الر قال : أنا الله أرى .

وقال آخرون : هي حروف من اسم الله الذي هو الرحمن . ذكر من قال ذلك :

حدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه ، قال : حدثنا عليّ بن الحسين ، قال : ثني أبي ، عن يزيد ، عن عكرمة عن ابن عباس : «الر ، وحم ، ونون » حروف الرحمن مقطعة .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا عيسى بن عبيد عن الحسين بن عثمان ، قال : ذكر سالم بن عبد الله : «الر ، وحم ونون » فقال : اسم الرحمن مقطع . ثم قال : الرحمن .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا أبي حماد ، قال : حدثنا مندل ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، قال : «الر ، وحم ، ونون » هو اسم الرحمن .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا سويد بن عمرو الكلبي ، عن أبي عوانة ، عن إسماعيل بن سالم ، عن عامر أنه سئل عن : «الر ، وحم ، وص » قال : هي أسماء الله مقطعة بالهجاء ، فإذا وصلتها كانت اسما من أسماء الله تعالى .

وقال آخرون : هي اسم من أسماء القرآن . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : الر اسم من أسماء القرآن .

وقد ذكرنا اختلاف الناس وما إليه ذهب كلّ قائل في الذي قال فيه ، وما الصواب لدينا من القول في ذلك في نظيره ، وذلك في أوّل سورة البقرة ، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع . وإنما ذكرنا في هذا الموضع القدر الذي ذكرنا لمخالفة من ذكرنا قوله في هذا قول في الم ، فأما الذين وفقوا بين معاني جميع ذلك ، فقد ذكرنا قولهم هناك مكتفيا عن الإعادة ههنا .

القول في تأويل قوله تعالى : تِلْكَ آياتُ الكِتابِ الحَكِيمِ .

واختلف في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : تلك آيات التوراة . ذكر من قال ذلك :

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان ، عن مجاهد : تِلْكَ آياتُ الكِتابِ الحَكِيمِ قال : التوراة والإنجيل .

قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا هشام ، عن عمرو ، عن سعيد ، عن قتادة : تِلْكَ آياتُ الكِتابِ قال : الكتب التي كانت قبل القرآن .

وقال آخرون : معنى ذلك : هذه آيات القرآن .

وأولى التأويلين في ذلك بالصواب تأويل من تأوّله : هذه آيات القرآن ، ووجه معنى «تلك » إلى معنى «هذه » ، وقد بيّنا وجه توجيه تلك إلى هذا المعنى في سورة البقرة بما أغنى عن إعادته . والاَيات الأعلام ، والكتاب اسم من أسماء القرآن ، وقد بيّنا كلّ ذلك فيما مضى قبل .

وإنما قلنا هذا التأويل أولى في ذلك بالصواب ، لأنه لم يجيءْ للتوراة والإنجيل قبل ذكر ولا تلاوة بعده فيوجه إليه الخبر ، فإذا كان ذلك كذلك ، فتأويل الكلام : والرحمن هذه آيات القرآن الحكيم . ومعنى «الحكيم » في هذا الموضع : «المحكم » صرف مفعل إلى فعيل ، كما قيل عذاب أليم ، بمعنى مؤلم ، وكما قال الشاعر :

*** أمنْ رَيحانةَ الدّاعي السّميعُ ***

وقد بيّنا ذلك في غير موضع من الكتاب . فمعناه إذا : تلك آيات الكتاب المحكم الذي أحكمه الله وبيّنه لعباده ، كما قال جلّ ثناؤه : الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمّ فُصّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡحَكِيمِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة يونس عليه السلام مكية وهي مائة وتسع آيات .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ الر } فخمها ابن كثير ونافع برواية قالون وحفص وقرأ ورش بين اللفظين ، وأمالها الباقون إجراء لألف الراء مجرى المنقلبة من الياء . { تلك آيات الكتاب الحكيم } إشارة إلى ما تضمنته السورة أو القرآن من الآي والمراد من الكتاب أحدهما ، ووصفه بالحكيم لاشتماله عل الحكم أو لأنه كلام حكيم ، أو محكم آياته لم ينسخ شيء منها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡحَكِيمِ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما .

سورة يونس . هذه السورة هي مكية قال مقاتل إلا آيتين وهي{[1]} قوله تعالى' { فإن كنت في شك } ' نزلت بالمدينة وقال الكلبي هي مكية إلا قوله ' { ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به } '{[2]} نزلت في اليهود بالمدينة . وقالت فرقة نزل من أولها نحو من أربعين آية بمكة وباقيها بالمدينة .

تقدم في أول سورة البقرة ذكر الاختلاف في فواتح السور ، وتلك الأقوال كلها تترتب هنا ، وفي هذا الموضع قول يختص به ، قاله ابن عباس وسالم بن عبد الله وابن جبير والشعبي : { الر } { حم } [ غافر : 1 ، فصلت : 1 ، الشورى : 1 ، الزخرف : 1 ، الدخان : 1 ، الجاثية : 1 ، الأحقاف : 1 ] و { ن } [ القلم : 1 ] هو الرحمن قطع اللفظ في أوائل هذه السورة{[5996]} . واختلف عن نافع في إمالة الراء والقياس أن لا يمال وكذلك اختلف القرّاء وعلة من أمال الراء أن يدل بذلك على أنها اسم للحرف وليست بحرف في نفسها وإنما الحرف «ر »{[5997]} .

وقوله تعالى : { تلك } قيل هو بمعنى هذه{[5998]} وقد يشبه أن يتصل المعنى ب { تلك } دون أن نقدرها بدل غيرها والنظر في هذه اللفظة إنما يتركب على الخلاف في فواتح السور فتدبره . و { الكتاب } قال مجاهد وقتادة : المراد به التوراة والإنجيل ، وقال مجاهد أيضاً وغيره : المراد به القرآن وهو الأظهر ، و { الحكيم } فعيل بمعنى محكم كما قال تعالى : { هذا ما لدي عتيد }{[5999]} أي ُمْعَتد ُمَعد ، ويمكن أن يكون «حكيم » بمعنى ذو حكمة فهو على النسب ، وقال الطبري فهو مثل أليم بمعنى مؤلم ثم قال : هو الذي أحكمه وبيّنه .

قال القاضي أبو محمد عبد الحق بن عطية رضي الله عنه : فساق قولين على أنهما واحد .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
[2]:- ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة، ثم ينزلها بالمدينة، ولا يسعنا القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب، هذا ما لا تقبله العقول، قاله الواحدي. وقوله تعالى: (ولقد آتيناك...) هو من الآية رقم (87) من سورة الحجر.
[5996]:-تعبير القرطبي هنا نقلا عن ابن عباس: "الر، وحم، ونون: حروف (الرحمان) مفرقة"، وهو يفسر المعنى المراد هنا.
[5997]:- قال ابن خالويه في كتاب "الحجة": "يقرأ بكسر الراء وفتحها، فالحجة لمن أمال أنه أراد التخفيف، والحجة لمن فتح أنه أتى باللفظ على الأصل، وكلهم قصروا الراء، وأهل العربية يقولون في حروف المعجم: إنه يجوز إمالتها، وتفخيمها، وقصرها ومدّها، وتذكيرها وتأنيثها".
[5998]:- والمشار إليه –على هذا- حاضر قريب، وهذا هو رأي ابن عباس رضي الله عنهما، واختاره أبو عبيدة كما ذكر أبو حيان في "البحر"، وعليه جاء قول الأعشى: تلك خيلي منه وتلك ركابي هنّ صفر أولادها كالزبيب ثم اختلف- بعد ذلك- في المقصود بالإشارة، فقيل: آيات القرآن الكريم، وقيل: آيات السورة التي تقدم ذكرها في آخر التوبة في قوله تعالى: {وإذا ما أنزلت سورة}، وقيل: المشار إليه هو (الراء) فإنها كنوز القرآن، وبها العلوم التي استأثر الله بها، إذ المراد أن الحروف التي افتتحت بها السور وإن قربت ألفاظها فمعانيها بعيدة المنال.
[5999]:- من الآية (23) من سورة (ق).