محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡحَكِيمِ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

10- سورة يونس

سميت به ، عليه السلام ، لتضمنها قوله{[1]} : { فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس } ففيه غاية ما يفيد فيه الإيمان ، وضرر تركه وتأخيره ، وهو المقصد الأعلى من إنزال الكتاب قاله المهايمي .

وهذه السورة مكية ، واستثنى منها قوله تعالى{[2]} : { فإن كنت في شك . . . } الآيتين . وقوله{[3]} : { ومنهم من يؤمن به . . . } الآية . قيل : نزلت في اليهود . وقيل : من أولها إلى رأس أربعين مكي ، والباقي مدني- حكاه ابن الفرس والسخاوي في ( جمال القراء ) .

وآياتها مائة وتسعة .

بسم الله الرحمن الرحيم

[ 1 ] { آلر تلك آيات الكتاب الحكيم 1 } .

{ آلر } مسرود على نمط التعديد بطريق التحدي . أو اسم للسورة فمحله الرفع أنه خبر مبتدأ محذوف أي هذه السورة مسماة ب { آلر } والإشارة إليها قبل جريان ذكرها لما أنها باعتبار كونها على جناح الذكر وبصدده ، صارت في حكم الحاضر ، كما يقال : هذا ما اشترى فلان . أو النصب بتقدير : اقرأ .

وكلمة { تلك } إشارة إليها ، أما على تقدير كون { آلر } مسرودة على نمط التعديد ، فقد نزّل حضور مادتها ، التي هي الحروف المذكورة ، منزلة ذكرها فأشير إليها ، كأنه قيل : هذه الكلمات المؤلفة من جنس هذه الحروف المبسوطة . . . الخ .

وأما على تقدير كونه اسما للسورة ، فقد نوهت بالإشارة إليها بعد تنويهها بتعيين اسمها ، أو الأمر بقراءتها . وما في اسم الإشارة من معنى البعد ، للتنبيه على بعد منزلتها في الفخامة ، ومحله الرفع على أنه مبتدأ ، خبره قوله تعالى :

{ آيات الكتاب الحكيم } ، وعلى تقدير كون { آلر } مبتدأ ، فهو مبتدأ ثان ، أو بدل من الأول . والمعنى : هي آيات مخصوصة منه ، مترجمة باسم مستقل . والمقصود ببيان بعضيتها منه ، وصفا بما اشتهر اتصافه به من النعوت الفاضلة ، والصفات الكاملة .

والمراد ب { الكتاب } : إما جميع القرآن العظيم ، وإن لم ينزل الكل حينئذ ، لاعتبار تعينه وتحققه في علم الله تعالى ، وإما جميع القرآن النازل وقتئذ ، المتفاهم بين الناس إذ ذاك .

و { الحكيم } أي ذو الحكمة ، وإنما وصف به لاشتماله على فنون الحكم الباهرة ، ونطقه بها ، أو هو من باب وصف الكلام بصفة صاحبه ، أو من باب الاستعارة المكنية المبنية على تشبيه الكتاب بالحكيم الناطق بالحكمة أفاده أبو السعود .


[1]:(4 النساء 15 و 16).
[2]:(24 النور 2).
[3]:(2 البقرة 282).