فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡحَكِيمِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة يونس عليه السلام

وهي مائة وتسع آيات وهي مكية قال الحسن وعطاء وعكرمة وجابر ، إلا ثلاث آيات { فإن كنت في شك } إلى آخرهن قاله ابن عباس وبه قال قتادة . وقال مقاتل إلا آيتين { فإن كنت في شك } إلى آخرهما أو ثلاث . وقال الكلبي إلا قوله { ومنهم من يؤمن به } الآية فإنها نزلت بالمدينة .

وقالت فرقة من أولها نحو من أربعين آية مكي وباقيها مدني .

قال القرطبي . وقال ابن سيرين : كانت هذه السورة بعد السابعة وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله أعطاني الرائيات أي الطواسين مكان الإنجيل .

وعن الأحنف قال : صليت خلف عمر غداة فقرأ يونس وهود وغيرهما : قال الصاوي : سميت السورة بذلك لذكر اسمه فيها وقصته وقد جرت عادة الله بتسمية السورة ببعض أجزائها .

{ الر } قال الجلال : الله أعلم بمراده بذلك ، قال الصاوي ، هذا أحد الأقوال : وهو أتمها وأسلمها 1ه .

وقد تقدم الكلام مستوفى على هذه الحروف الواقعة في أوائل السور في أول سورة البقرة فلا نعيده ففيه ما يغني عن الإعادة .

وقد قيل إن معنى { الر } أنا الله أرى قال النحاس : ورأيت أبا إسحاق يميل إلى هذا القول لأن سيبويه قد حكى مثله عن العرب وقال الحسن ، وعكرمة { الر } قسم وقال قتادة { الر } اسم للسورة وقيل غير ذلك مما فيه تكلف لعلم ما استأثر الله بعلمه .

وقد اتفق القراء على أن { الر } ليس بآية وعلى أن { طه } آية وفي مقنع أبي عمرو والداني أن العادين ل { طه } آية هم الكوفيون فقط ، ولعل الفرق أن { الر } لا تشاكل مقاطع الآي التي بعدها .

{ تلك } أي ما تضمنته السورة من الآيات والتبعيد للتعظيم وقيل الآيات المتقدمة على هذه السورة وقال مجاهد وقتادة : أراد التوراة والإنجيل وسائر الكتب المتقدمة فإن تلك إشارة إلى غائب مؤنث وقيل تلك بمعنى هذه أي هذه { آيات الكتاب الحكيم } وهو القرآن ويؤيد كون الإشارة إلى القرآن إنه لم يجر الكتب المتقدمة ذكر وأن الحكيم من صفات القرآن لا من صفات غيره ، والإضافة بمعنى من لأن هذه السورة بعض القرآن والحكيم المحكم بالحلال والحرام والحدود والأحكام قاله أبو عبيدة وغيره .

وقيل الحكيم معناه الحاكم فهو فعيل بمعنى فاعل ، كقوله { وأنزل معهم الكتاب ليحكم بين الناس } وقيل بمعنى المحكوم أي حكم الله فيه بالعدل والإحسان قال الحسن وغيره . وقيل الحكيم ذو الحكمة لاشتماله عليها ، وقيل الحكيم المنظوم نظما متقنا لا يعتريه خلل بوجه من الوجوه ، وقيل الممتنع من الفساد فيكون المعنى لا تغيره الدهور والمراد براءته من الكذب والتناقض .