التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡحَكِيمِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة يونس

في السورة حكاية أقوال ومواقف عديدة للكفار ، وردود عليها وتسفيه لهم على باطل تقاليدهم وسخيف عقائدهم وشدة عنادهم ومكابرتهم ، وإفحام لهم في سياق الجدل والمناظرة . وفيها لفت نظر الناس إلى آيات الله ومظاهر قدرته في الكون وتبشير وإنذار بالآخرة وحسابها وثوابها وعقابها ، وشرح لأثر الإيمان والكفر في نفوس الناس وسعادتهم في الدنيا والآخرة .

وبيان لمهمة النبي عليه السلام وطبيعة الرسالة ، وتقرير لمسؤولية الناس في الهدى والضلال وتمثيل بما كان بين نوح وقومه وبين موسى وفرعون ، وبما كان من مصير البغاة ونجاة المؤمنين وضرب بقوم يونس الذين آمنوا مثلا على ذلك .

والمصحف الذي اعتمدناه يذكر أن الآيات [ 40 و94 96 ] مدنية ، وبعض الروايات تذكر أن من أول السورة إلى رأس الآية الأربعين مكي والباقي مدني{[1]} . وقد تكرر مضامين الآيات التي يروي مدنيتها في آيات مكية لا خلاف فيها ؛ كما أن هذه الآيات منسجمة مع سياقها السابق واللاحق ؛ ولذلك فإننا نتوقف في الروايات ونرجح مكية جميع آيات السورة .

وفصول السورة مترابطة متساوقة مما يلهم أنها نزلت متتابعة حتى تمت .

تلك : لغويا هي إشارة إلى البعيد في حين أن ( هذه ) للقريب . وقد انطلق بعضهم من هذا الفرق فقال : إنها عنت كتب الله السابقة . غير أن الطبري وآخرين رجحوا أنها في مقام ( هذه ) ، وأنها إشارة إلى القرآن ، وهذا هو الصواب المتوافق مع المطالع المماثلة مثل مطالع سور الشعراء والنمل والقصص التي مرّ تفسيرها .

الحكيم : هنا من الإحكام ، والحكمة أيضا منه . وعلى هذا فتعبير ( الحكيم ) بالنسبة لكتاب الله يمكن أن يكون بمعنى ( المحكم ) كما يمكن أن يكون بمعنى ( المحتوي حكمة ) ويمكن أن يكون بالمعنيين معا أي : أنه محكم الأسلوب حكيم المضمون .

/خ1


[1]:التاج جـ 5 ص 382.