معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلۡحَقُّ أَهۡوَآءَهُمۡ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهِنَّۚ بَلۡ أَتَيۡنَٰهُم بِذِكۡرِهِمۡ فَهُمۡ عَن ذِكۡرِهِم مُّعۡرِضُونَ} (71)

قوله تعالى : { ولو اتبع الحق أهواءهم } قال ابن جريج و مقاتل و السدي وجماعة : الحق هو الله ، أي : لو اتبع الله مرادهم فيما يفعل ، وقيل : لو اتبع مرادهم ، فسمى لنفسه شريكاً وولداً كما يقولون : { لفسدت السموات والأرض } وقال الفراء و الزجاج : المراد بالحق القرآن أي : لو نزل القرآن بما يحبون من جعل الشريك والولد على ما يعتقدونه { لفسدت السموات والأرض ومن فيهن } وهو كقوله تعالى : { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } . { بل أتيناهم بذكرهم } بما يذكرهم ، قال ابن عباس : أي : بما فيه فخرهم وشرفهم ، يعني القرآن ، فهو كقوله تعالى : { لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم } أي : شرفكم ، { وإنه لذكر لك ولقومك } أي : شرف لك ولقومك . { فهم عن ذكرهم } يعني عن شرفهم . { معرضون* }

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلۡحَقُّ أَهۡوَآءَهُمۡ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهِنَّۚ بَلۡ أَتَيۡنَٰهُم بِذِكۡرِهِمۡ فَهُمۡ عَن ذِكۡرِهِم مُّعۡرِضُونَ} (71)

{ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ } شقاوة منهم ، وعدم توفيق { نسوا الله فنسيهم } ( نسوا الله فأنساهم أنفسهم ) فالقرآن ومن جاء به ، أعظم نعمة ساقها الله إليهم ، فلم يقابلوها إلا بالرد والإعراض ، فهل بعد هذا الحرمان حرمان ؟ وهل يكون وراءه إلا نهاية الخسران ؟ .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلۡحَقُّ أَهۡوَآءَهُمۡ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهِنَّۚ بَلۡ أَتَيۡنَٰهُم بِذِكۡرِهِمۡ فَهُمۡ عَن ذِكۡرِهِم مُّعۡرِضُونَ} (71)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَوِ اتّبَعَ الْحَقّ أَهْوَآءَهُمْ لَفَسَدَتِ السّمَاوَاتُ وَالأرْضُ وَمَن فِيهِنّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ مّعْرِضُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ولو عمل الربّ تعالى ذكره بما يهوَى هؤلاء المشركون وأجرى التدبير على مشيئتهم وإرادتهم وترك الحقّ الذي هم له كارهون ، لفسدت السموات والأرض ومن فيهنّ وذلك أنهم لا يعرفون عواقب الأمور والصحيحَ من التدبير والفاسد . فلو كانت الأمور جارية على مشيئتهم وأهوائهم مع إيثار أكثرهم الباطل على الحقّ ، لم تقرّ السموات والأرض ومن فيهنّ من خلق الله ، لأن ذلك قام بالحقّ .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا عبد الصمد ، قال : حدثنا شعبة ، قال : حدثنا السديّ ، عن أبي صالح : وَلَوِ اتّبَعَ الحَقّ أهْوَاءَهُمْ قال : الله .

قال : حدثنا أبو معاوية ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح : وَلَوِ اتّبَعَ الحَقّ أهْوَاءَهُمْ قال : الحقّ : هو الله .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قوله : وَلَوِ اتّبَعَ الحَقّ أهْوَاءَهُمْ قال : الحقّ : الله .

وقوله : بَلْ أتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ اختلف أهل التأويل في تأويل الذكر في هذا الموضع ، فقال بعضهم : هو بيان الحقّ لهم بما أنزل على رجل منهم من هذا القرآن . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : بَلْ أتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ يقول : بيّنا لهم .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : بل أتيناهم بشَرَفهم وذلك أن هذا القرآن كان شَرَفا لهم ، لأنه نزل على رجل منهم ، فأعرضوا عنه وكفروا به . وقالوا : ذلك نظير قوله وَإنّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وهذان القولان متقاربا المعنى . وذلك أن الله جلّ ثناؤه أنزل هذا القرآن بيانا بيّن فيه ما لخلقه إليه الحاجة من أمر دينهم ، وهو مع ذلك ذكر لرسوله صلى الله عليه وسلم وقومه وشَرَف لهم .