غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلۡحَقُّ أَهۡوَآءَهُمۡ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهِنَّۚ بَلۡ أَتَيۡنَٰهُم بِذِكۡرِهِمۡ فَهُمۡ عَن ذِكۡرِهِم مُّعۡرِضُونَ} (71)

57

ثم بين أن الإلهية تقتضي الاستقلال في الأوامر والنواهي ، وأن الحق والصواب ينحصر فيما دبره إله العالمين وقدّره فقال : { ولو اتبع الحق أهواءهم } نظيره ما مر في قوله { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } [ الأنبياء : 22 ] وقيل : الحق الإسلام ، والمراد لو انقلب الإسلام شركاً كما تقتضيه أهواؤهم لجاء الله بالقيامة ، ولأهلك العالم ولم يؤخر . وعن قتادة : الحق هو الله ، والمعنى لو كان الله آمراً بالشرك والمعاصي على وفق آرائهم لما كان إلهاً ولكان شيطاناً فلا يقدر على إمساك السموات والأرض ، وحينئذ يختل نظام العالم . ثم ذكر أن نزول القرآن عليهم من جملة الحق فقال { بل أتيناهم بذكرهم } إن كانت الباء للتعدية فظاهر ، وإن كانت للمصاحبة فعلى حذف مضاف أي أتاهم رسولنا متلبساً بالكتاب الذي هو ذكرهم أي وعظهم أوصيتهم وفخرهم ، أو الإضافة بدل اللام العهدي أي بالذكر الذي كانوا يتمنونه ويقولون { لو أن عندنا ذكراً من الأولين لكنا عباد الله المخلصين } [ الصافات : 168169 ] .

/خ90