تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلۡحَقُّ أَهۡوَآءَهُمۡ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهِنَّۚ بَلۡ أَتَيۡنَٰهُم بِذِكۡرِهِمۡ فَهُمۡ عَن ذِكۡرِهِم مُّعۡرِضُونَ} (71)

أتيناهم بذكرهم : بالقرآن الذين هو فخرهم .

فهم عن ذكرهم معرضون : فهم معرضون عن فخرجهم .

ثم بين الله أن اتّباع الهوى يؤدي الى الفساد الكبير فقال :

{ وَلَوِ اتبع الحق أَهْوَآءَهُمْ لَفَسَدَتِ السماوات والأرض وَمَن فِيهِنَّ }

ولو أن الله تعالى سايَرَ هؤلاءِ فيما يشتهونه ويقترحونه ، لفسَدَ هذا النظامُ العظيم الذي نراه في السموات والأرض ، واختلّ نظام الكون ، وساد الظلمُ والفساد في الخلائق ، ولكنّ الله ذو حكمةٍ عالية ، وقدرة نافذة .

وبعد أن أنْبهم على كراهتهم للحق ، ذكر أنهم أعرضوا عن أعظم خيرٍ جاءهم فقال :

{ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ مُّعْرِضُونَ } .

بل جئناهم بالقرآن الذي فيه فخرُهم وشرفُهم ، وهم مع ذلك معرِضون عن هذا الخيرِ العميم ، والشرف العظيم ، وكان قال تعالى : { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } [ الزخرف : 44 ] .

وهذا هو القول الحقّ ، فإن العربَ قبل الإسلام لم تكن أمة متحدة ، ولم يكن لها ذكر في التاريخ حتى جاءها الاسلام ، فأصبحتْ بفضله تُذكر في الشرق والغرب ، وظل ذِكرُها يدوّي في العالم قرونا طويلة . ولما تركت وحدتها ودينها وأعرضت عنه تضاءل ذِكرها وخبا نورها ، ولن يقوم لها ذكر إلا برجوعها الى الاسلام ، والأخذ بالعلم ، ووحدة الصف .