الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلۡحَقُّ أَهۡوَآءَهُمۡ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهِنَّۚ بَلۡ أَتَيۡنَٰهُم بِذِكۡرِهِمۡ فَهُمۡ عَن ذِكۡرِهِم مُّعۡرِضُونَ} (71)

ثم قال تعالى : { ولو اتبع الحق أهواءهم }[ 72 ] .

أي : ولو اتبع الله عز وجل أهواء الكفار ، قاله السدي{[47569]} .

وتقديره على قوله : ولو اتبع صاحب الحق أهواء المشركين { لفسدت السموات والأرض } باتباع آرائهم ، لأنهم لا يعلمون العواقب ، وأهواء أكثرهم على إيثار الباطل على الحق ، والسماوات والأرض وما بينها لا يقمن إلا بالحق .

وقيل{[47570]} : الحق هنا : القرآن ، والمعنى : ولو نزل القرآن بما يحبون لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن .

وقيل : هو مجاز ، والتقدير : ولو وافق الحق أهواءهم ، فجعل موافقته اتباعا ، مجازا ، ويكون التقدير على هذا ، لو كانوا يكفرون بالرسل ، ويعصون الله ، ولا يجازون على ذلك ويعاقبون لفسدت السماوات والأرض .

وقيل{[47571]} : المعنى : لو كان الحق فيما يقولون من اتخاذ آلهة مع الله لتعالت بعضها على بعض واضطرب التدبير ففسدت لذلك السماوات والأرض .

ثم قال : { بل آتيناهم بذكرهم }[ 72 ] .

أي : بينا لهم الحق ، قاله ابن عباس .

وقيل{[47572]} : معناه : بل آتيناهم بشرفهم إذ نزل القرآن بلغتهم وعلى رجل منهم . { فهم عن ذكرهم معرضون } أي : فاعرضوا عنه فكفروا به ، مثله ، { وإنه لذكر لك ولقومك }{[47573]} .

وقال قتادة{[47574]} : ( بذكرهم ) : بالقرآن ، وتقديره : بل آتيناهم بذكر ما فيه النجاة لو اتبعوه .


[47569]:انظر: جامع البيان 18/42، وزاد المسير 5/484.
[47570]:انظر: زاد المسير 5/184، وتفسير القرطبي 12/140.
[47571]:انظر: المصدر السابق.
[47572]:انظر: جامع البيان 18/43.
[47573]:الزخرف آية 43.
[47574]:انظر: الدر المنثور 5/13.