التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلۡحَقُّ أَهۡوَآءَهُمۡ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهِنَّۚ بَلۡ أَتَيۡنَٰهُم بِذِكۡرِهِمۡ فَهُمۡ عَن ذِكۡرِهِم مُّعۡرِضُونَ} (71)

قوله : ( ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن ) المراد بالحق ، الله جل جلاله ؛ أي لو عمل صاحب الحق وهو الله بما يهواه هؤلاء المشركون ؛ لأفضى ذلك إلى إفساد الكون كله وما فيه من أحياء ؛ فإن كل شيء مخلوق بقدر وجيء به على نظام موزون ، واتساق محكم منسجم لا زيغ فيه ولا عوج ، لكن هؤلاء الضالين المكذبين لا يهوون غير الضلالة ولا يبتغون غير الظلم والهوى ، جريا وراء غرائزهم وشهواتهم وأهوائهم . وعلى هذا لو قام الحق على ما يريدون ويهوون ؛ لاضطرب نظام الحياة والأحياء ، فأتى عليها الفساد والفوضى .

وقيل : المراد بالحق ، الإسلام الذي جيء به من عند الله . فلو جاء الإسلام كما تبتغيه أهواء الضالين الظالمين من ضلال وشرك وظلم لانقلب هذا الدين شر الانقلاب ، فصار وبالا على الناس بقيامه حينئذ على الوثنية والأهواء والضلالات وسوء التدبير .

قوله : ( بل آتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون ) المراد بذكرهم ، القرآن ؛ فإن فيه شرفهم وعزهم ، وفيه من الهداية وكمال النظام ما تستقيم به حياتهم ، وحياة الناس جميعا ، لكنهم أعرضوا عنه وكفروا به .