المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب  
{وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلۡحَقُّ أَهۡوَآءَهُمۡ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهِنَّۚ بَلۡ أَتَيۡنَٰهُم بِذِكۡرِهِمۡ فَهُمۡ عَن ذِكۡرِهِم مُّعۡرِضُونَ} (71)

71- ولو كان الحق تابعاً لأهوائهم لشاع الفساد في الأرض ولتنازعت الأهواء ، ولكنا أرسلنا إليهم القرآن الذي يُذَكِّرهم بالحق الذي يجب أن يجتمع عليه الجميع ، ومع ذلك هم معرضون عنه{[144]} .


[144]:{ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن، بل آتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون}: كلمة "الحق" من الألفاظ المشتركة، قد يراد منها "الله" سبحانه وتعالي نحو قوله تعالي: {فتعالي الله الملك الحق} وقد يراد منها "القرآن" نحو قوله تعالي: {إنا أرسلناك بالحق} ويراد منها "الدين كله" بما فيه من القرآن وسنة صحيحة نحو قوله: {وقل جاء الحق وزهق الباطل} والأظهر في كلمة الحق هنا هو أن المراد المعنى الأول "الله" سبحانه وتعالي. ويكون المراد من الآية: لو جرت سنة الله علي مسايرة الكافرين فيما يشتهونه ويقترحونه لما استقام النظام الذي قام عليه شأن السماوات والأرض وما فيهما من خلائق، ولكن الله ذو حكمة عالية وقدرة نافذة وقد أحاط علمه بما خلق، وتكفلت حكمته بالتدبير المحكم. وتصريح القرآن بأن السماوات فيها خلائق إنما يوجهنا إلي هذا: أولا: إلي أن الإيمان بذلك علي وجه الإجمال يقيني. تاركين التعرض إلي التفصيل إلي أن يشاء الله ـ سبحانه ـ بيانه بمقتضى قوله: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم}. ثانيا: يوجهنا أيضا إلي محاولة البحث العلمي إن استطعنا، لأن الوصول إلي هذه الحقيقة يؤكد إيماننا، والإيمان هو الهدف الهام من توجيهنا إلي تلك الآيات.