معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَفَمَن وَعَدۡنَٰهُ وَعۡدًا حَسَنٗا فَهُوَ لَٰقِيهِ كَمَن مَّتَّعۡنَٰهُ مَتَٰعَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا ثُمَّ هُوَ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ مِنَ ٱلۡمُحۡضَرِينَ} (61)

قوله تعالى : { أفمن وعدناه وعداً حسناً } أي الجنة ، { فهو لاقيه } مصيبه ومدركه وصائر إليه ، { كمن متعناه متاع الحياة الدنيا } ويزول عن قريب { ثم هو يوم القيامة من المحضرين } النار ، قال قتادة : يعني المؤمن والكافر ، قال مجاهد : نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم وأبي جهل . وقال محمد بن كعب : نزلت في حمزة وعلي ، وأبي جهل . وقال السدي : نزلت في عمار والوليد بن المغيرة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَفَمَن وَعَدۡنَٰهُ وَعۡدًا حَسَنٗا فَهُوَ لَٰقِيهِ كَمَن مَّتَّعۡنَٰهُ مَتَٰعَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا ثُمَّ هُوَ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ مِنَ ٱلۡمُحۡضَرِينَ} (61)

ولهذا نبه العقول على الموازنة بين عاقبة مؤثر الدنيا ومؤثر الآخرة ، فقال : { أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ }

أي : هل يستوي مؤمن ساع للآخرة سعيها ، قد عمل على وعد ربه له ، بالثواب الحسن ، الذي هو الجنة ، وما فيها من النعيم العظيم ، فهو لاقيه من غير شك ولا ارتياب ، لأنه وعد من كريم صادق الوعد ، لا يخلف الميعاد ، لعبد قام بمرضاته وجانب سخطه ، { كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } فهو يأخذ فيها ويعطي ، ويأكل ويشرب ، ويتمتع كما تتمتع البهائم ، قد اشتغل بدنياه عن آخرته ، ولم يرفع بهدى الله رأسا ، ولم ينقد للمرسلين ، فهو لا يزال كذلك ، لا يتزود من دنياه إلا الخسار والهلاك .

{ ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ } للحساب ، وقد علم أنه لم يقدم خيرا لنفسه ، وإنما قدم جميع ما يضره ، وانتقل إلى دار الجزاء بالأعمال ، فما ظنكم إلى ما يصير إليه ؟ وما تحسبون ما يصنع به ؟ فليختر العاقل لنفسه ، ما هو أولى بالاختيار ، وأحق الأمرين بالإيثار .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَفَمَن وَعَدۡنَٰهُ وَعۡدًا حَسَنٗا فَهُوَ لَٰقِيهِ كَمَن مَّتَّعۡنَٰهُ مَتَٰعَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا ثُمَّ هُوَ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ مِنَ ٱلۡمُحۡضَرِينَ} (61)

ثم نفى - سبحانه - التسوية بين أهل الجنة وأهل النار بأبلغ أسلوب فقال : { أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاَقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الحياة الدنيا } .

فالاستفهام للإنكار ونفى المساواة بين الفريقين ، والمراد بالوعد : الموعود به وهو الجنة ونعيمها .

اى : أنه لا يستوى فى عرف أى عاقل ، حال المؤمنين الذين وعدناهم وعدا حسنا بالجنة ونعيمها ، وهم سيظفورن بما وعدناهم به لا محالة ، وحال اولئك الكافرين والفاسقين الذين متعانهم إلى حين بمتاع الدنيا الزائلة .

وقوله - سبحانه - : { ثُمَّ هُوَ يَوْمَ القيامة مِنَ المحضرين } معطوف على { مَّتَّعْنَاهُ } وداخل معه فى حيز الصلة ، ومؤكد لإنكار المساواة .

أى : ثم هو هذا الذى متعناه بمتاع الحياة الدنيا الزائل ، من المحضرين لعذابنا فى النار ، والمحضرين : جمع محضر . اسم مفعول من أحضره .

وهذا التعبير يشعر بإحضاره إلى النار وهو مكره خائف ، من العذاب المهين الذى أعدّ له ، فالآية الكريمة قد نفت بأبلغ أسلوب - المساواة بين المؤمنين والكافرين .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَفَمَن وَعَدۡنَٰهُ وَعۡدًا حَسَنٗا فَهُوَ لَٰقِيهِ كَمَن مَّتَّعۡنَٰهُ مَتَٰعَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا ثُمَّ هُوَ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ مِنَ ٱلۡمُحۡضَرِينَ} (61)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاَقِيهِ كَمَن مّتّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدّنْيَا ثُمّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ } .

يقول تعالى ذكره : أفمن وعدناه من خلقنا على طاعته إيانا الجنة ، فآمن بما وعدناه وصدّق وأطاعنا ، فاستحقّ بطاعته إيانا أن ننجز له ما وعدناه ، فهو لاق ما وعد ، وصائر إليه كمن متّعناه في الحياة الدنيا متاعها ، فتمتع به ، ونسي العمل بما وعدنا أهل الطاعة ، وترك طلبه ، وآثر لذّة عاجلة على آجله ، ثم هو يوم القيامة إذا ورد على الله من المحضرين ، يعني من المُشْهَدِين عذابَ الله ، وأليمَ عقابه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة ، قوله أفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْدا حَسَنا فَهُوَ لاقِيهِ قال : هو المؤمن سمع كتاب الله فصدّق به وآمن بما وعد الله فيه كمَنْ مَتّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدّنْيا هو هذا الكافر ، ليس والله كالمؤمن ثُمّ هُوَ يَوْمَ القِيامَةِ مِنَ المُحْضَرِينَ : أي في عذاب الله .

حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال ابن عمرو في حديثه : قوله مِنَ المُحْضَرِينَ قال : أحضروها . وقال الحارث في حديثه ثُمّ هُوَ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنَ المُحْضرِين أهلَ النار ، أُحْضِروها .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ثُمّ هُوَ يَوْمَ القِيامَةِ مِنَ المُحْضَرِينَ قال : أهل النار ، أُحْضِروها .

واختلف أهل التأويل فيمن نزلت فيه هذه الاَية ، فقال بعضهم : نزلت في النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وفي أبي جهل بن هشام . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو النعمان الحكم بن عبد الله العجلي ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبان بن تغلب عن مجاهد أفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْدا حَسَنا فَهُوَ لاقِيهِ ، كمَنْ مَتّعْناهُ مَتاعَ الحَياةِ الدّنْيا ، ثُمّ هُوَ يَوْمَ القِيامَةِ مِنَ المُحْضَرِينَ قال : نزلت في النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وفي أبي جهل بن هشام .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج أفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْدا حَسَنا فَهُوَ لاقِيهِ قال : النبيّ صلى الله عليه وسلم .

وقال آخرون : نزلت في حمزة وعليّ رضي الله عنهما ، وأبي جهل لعنه الله . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا بَدَل بن المُحَبّر التغلَبيّ ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبان بن تغلب ، عن مجاهد أفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْدا حَسَنا فَهُوَ لاقِيهِ كمَنْ مَتّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدّنْيا ، ثمّ هُوَ يَوْمَ القِيامَةِ مِنَ المُحْضَرِينَ قال : نزلت في حمزة وعليّ بن أبي طالب ، وأبي جهل .

قال : حدثنا عبد الصمد ، قال : حدثنا شعبة عن أبان بن تغلب ، عن مجاهد ، قال : نزلت في حمزة وأبي جهل .