الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{أَفَمَن وَعَدۡنَٰهُ وَعۡدًا حَسَنٗا فَهُوَ لَٰقِيهِ كَمَن مَّتَّعۡنَٰهُ مَتَٰعَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا ثُمَّ هُوَ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ مِنَ ٱلۡمُحۡضَرِينَ} (61)

هذه الآية تقرير وإيضاح للتي قبلها . والوعد الحسن : الثواب ؛ لأنه منافع دائمة على وجه التعظيم والاستحقاق ، وأي شيء أحسن منها ، ولذلك سمى الله الجنة بالحسنى . و { لاَقِيهِ } كقوله تعالى : { ولقاهم نَضْرَةً وَسُرُوراً } ، وعكسه { فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً } [ مريم : 59 ] { مِنَ المحضرين } من الذين أحضروا النار . ونحوه : { لَكُنتُ مِنَ المحضرين } [ الصافات : 57 ] ، { فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } [ الصافات : 127 ] قيل : نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي جهل . وقيل : في علي وحمزة وأبي جهل . وقيل : في عمار بن ياسر والوليد بن المغيرة .

فإن قلت : فسر لي الفاءين وثم ، وأخبرني عن مواقعها . قلت : قد ذكر في الآية التي قبلها متاع الحياة الدنيا وما عند الله وتفاوتهما ، ثم عقبه بقوله : { أَفَمَن وعدناه } على معنى : أبعد هذا التفاوت الظاهر يسوّي بين أبناء الآخرة وأبناء الدنيا ، فهذا معنى الفاء الأولى وبيان موقعها . وأمّا الثانية فللتسبيب : لأن لقاء الموعود مسبب عن الوعد الذي هو الضمان في الخير . وأمّا «ثم » فلتراخي حال الإحضار عن حال التمتيع ، لا لتراخي وقته عن وقته . وقرىء : «ثم هو » بسكون الهاء ، كما قيل عضْد في عضُد . تشبيهاً للمنفصل بالمتصل ، وسكون الهاء في : فهو : وهو ، ولهو : أحسن ؛ لأنّ الحرف الواحد لا ينطق به وحده فهو كالمتصل .