فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَفَمَن وَعَدۡنَٰهُ وَعۡدًا حَسَنٗا فَهُوَ لَٰقِيهِ كَمَن مَّتَّعۡنَٰهُ مَتَٰعَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا ثُمَّ هُوَ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ مِنَ ٱلۡمُحۡضَرِينَ} (61)

{ أفمن وعدناه وعدا حسنا } بالجنة وما فيها ( من النعم ) التي لا تحصى { فهو لاقيه ) أي مدركه ومصيبه لا محالة ، فإن الله لا يخلف الميعاد ولذلك جيء بالاسمية المفيدة لتحققه ، وعطف بفاء السببية ، والفاء الأول لترتيب إنكار التساوي بين أهل الدنيا وأهل الآخرة على ما قبلها من ظهور التفاوت بين متاعها وبين ما عند الله عز وجل .

{ كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ؟ } المشوب بالأكدار المستتبع للتحسر على الانقطاع ، فأعطي منه بعض ما أراد مع سرعة زواله . وتنغيصه عن قريب .

{ ثم هو يوم القيامة من المحضرين } هذا معطوف على قوله : متعناه داخل معه في حيز الصلة مؤكد لإنكار التشابه ومقرر له ، والمعنى ثم هذا الذي متعناه هو يوم القيامة من المحضرين النار ، وتخصيص المحضرين بالذين أحضروا العذاب اقتضاه المقام . وفيه من التهويل ما لا يخفى أي ليس حالهما سواء فإن الموعود بالجنة لا بد أن يظفر بما وعد مع أنه لا يفوته نصيبه من الدنيا ، وهذا حال المؤمن .

وأما حال الكافر فإنه لم يكن معه إلا مجرد التمتع لشيء من الدنيا ، يستوي فيه هو والمؤمن ، وينال كل واحد منهما حظه منه ؛ وهو صائر إلى النار ، فهل يستويان ؟

و ( ثم ) للتراخي في الزمان أو في الرتبة قيل : نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي جهل ، أو علي وحمزة وأبي جهل ؛ أو في المؤمن والكافر ، أو في عمار ابن ياسر والوليد بن المغيرة .