معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَوَصَّيۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيۡهِ حُسۡنٗاۖ وَإِن جَٰهَدَاكَ لِتُشۡرِكَ بِي مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٞ فَلَا تُطِعۡهُمَآۚ إِلَيَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (8)

قوله تعالى :{ ووصينا الإنسان بوالديه حسناً } أي : براً بهما وعطفاً عليهما ، معناه : ووصينا الإنسان أن يفعل بوالديه ما يحسن . نزلت هذه الآية ، والتي في سورة لقمان والأحزاب في سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وهو سعد بن مالك أبو إسحاق الزهري ، وأمه حمنة بنت أبي سفيان ابن أمية بن عبد شمس . لما أسلم ، وكان من السابقين الأولين ، وكان باراً بأمه ، قالت له أمه : ما هذا الدين الذي أحدثت ؟ والله لا آكل ولا أشرب حتى ترجع إلى ما كنت عليه ، أو أموت فتعير بذلك أبد الدهر ، يقال : يا قاتل أمه . ثم إنها مكثت يوماً وليلة لم تأكل ولم تشرب ، فجاء سعد إليها وقال : با أماه لو كانت مائة نفس فخرجت نفساً نفساً ما تركت ديني فكلي ، وإن شئت فلا تأكلي ، فلما أيست منه أكلت وشربت ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وأمره بالبر بوالديه والإحسان إليهما وأن لا تطعهما في الشرك ، فذلك قوله عز وجل : { وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما } جاء في الحديث : " لا طاعة لمخلوق في معصية الله " . ثم أوعد بالمصير إليه فقال : { إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون } أخبركم بصالح أعمالكم وسيئها فأجازيكم عليها .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَوَصَّيۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيۡهِ حُسۡنٗاۖ وَإِن جَٰهَدَاكَ لِتُشۡرِكَ بِي مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٞ فَلَا تُطِعۡهُمَآۚ إِلَيَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (8)

{ 8 } { وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }

أي : وأمرنا الإنسان ، ووصيناه بوالديه حسنا ، أي : ببرهما والإحسان إليهما ، بالقول والعمل ، وأن يحافظ على ذلك ، ولا يعقهما ويسيء إليهما في قوله وعمله .

{ وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } وليس لأحد علم بصحة الشرك باللّه ، وهذا تعظيم لأمر الشرك ، { فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } فأجازيكم بأعمالكم ، فبروا والديكم وقدموا طاعتهما ، إلا على طاعة اللّه ورسوله ، فإنها مقدمة على كل شيء .