{ وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ حُسْناً } انتصاب { حسناً } على أنه نعت مصدر محذوف ، أي إيصاء حسناً على المبالغة ، أو على حذف المضاف ، أي ذا حسن . هذا مذهب البصريين ، وقال الكوفيون : تقديره : ووصينا الإنسان أن يفعل حسناً ، فهو مفعول لفعل مقدّر ، ومنه قول الشاعر :
عجبت من دهماء إذ تشكونا *** ومن أبى دهماء إذ يوصينا خيراً بها كأنما خافونا
أي يوصينا أن نفعل بها خيراً ، ومثله قول الحطيئة :
وصيت من برّة قلباً حرًّا *** بالكلب خيراً والحمأة شرًّا
قال الزجاج : معناه ووصينا الإنسان : أن يفعل بوالديه ما يحسن ، وقيل : هو صفة لموصوف محذوف ، أي ووصيناه أمراً ذا حسن ، وقيل : هو منتصب على أنه مفعول به على التضمين ، أي ألزمناه حسناً .
وقيل : منصوب بنزع الخافض ، أي ووصيناه بحسن . وقيل : هو مصدر لفعل محذوف ، أي يحسن حسناً ، ومعنى الآية : التوصية للإنسان بوالديه بالبرّ بهما ، والعطف عليهما . قرأ الجمهور { حَسَنًا } بضم الحاء ، وإسكان السين ، وقرأ أبو رجاء وأبو العالية والضحاك بفتحهما ، وقرأ الجحدري : " إحسانا " وكذا في مصحف أبيّ { وَإِن جاهداك لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا } أي طلباً منك وألزماك أن تشرك بي إلها ليس لك به علم بكونه إلها ، فلا تطعهما ، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، وعبر بنفي العلم عن نفي الإله ؛ لأن ما لا يعلم صحته لا يجوز اتباعه ، فكيف بما علم بطلانه ؟ وإذا لم تجز طاعة الأبوين في هذا المطلب مع المجاهدة منهما له ، فعدم جوازها مع مجرّد الطلب بدون مجاهدة منهما أولى ، ويلحق بطلب الشرك منهما سائر معاصي الله سبحانه ، فلا طاعة لهما فيما هو معصية لله كما صحّ ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } أي أخبركم بصالح أعمالكم وطالحها ، فأجازي كلاً منكم بما يستحقه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.