تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَوَصَّيۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيۡهِ حُسۡنٗاۖ وَإِن جَٰهَدَاكَ لِتُشۡرِكَ بِي مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٞ فَلَا تُطِعۡهُمَآۚ إِلَيَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (8)

الآية 8 وقوله تعالى : { ووصينا الإنسان بوالديه حسنا } وقرئ أيضا : إحسانا( {[15648]} ) .

قال الزجاج : قوله : { حسنا } أجمع وأقرب لأنه يرجع إلى حسن الشيء في نفسه ، وإلى( {[15649]} ) حسنه عند ذلك الإنسان ؛ يقال : حسن كذا إذا كان في نفسه حسنا . والإحسان هو ما يحسن عند ذلك المعمول له ، أو كلام نحو هذا .

قال الشيخ رضي الله عنه : لكن الإحسان هو اسم ما حسن أيضا في نفسه ؛ يقال : أحسن ؛ فإذا أحسن فقد حسن ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم } إن كان هذا الخطاب لأهل الإيمان فيكون تأويل الآية : { وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم } بأن( {[15650]} ) له شريكا( {[15651]} ) { فلا تطعهما } فلا تشرك بي ، وكقوله : { قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض } [ يونس : 18 ] أي يعلم بخلاف ما يقولون .

فعلى ذلك يحتمل { وما ليس لك به علم } بأن له شريكا( {[15652]} ) ، أي لك العلم بخلافه بأن ليس له شريك .

وإن كان الخطاب لأهل الكفر [ فهم ] ( {[15653]} ) يقولون على الله ما ليس لهم به علم .

وقوله تعالى : { فلا تطعهما } أمر بالبر للوالدين والإحسان إليهما والطاعة لهما ما لم يكن في طاعتهما معصية الرب ليعلم أن ليس تجب طاعتهما في كل شيء ، وفي كل ما كان عندهما إحسان ، ولكن في ما كان في ذلك طاعة الخالق .

وقوله تعالى : { إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون } وعيد لتكونوا أبدا على حذر في أعمالهم ، لا تعملون في ما فيه معصية الرب .


[15648]:انظر معجم القراءات القرآنية ج 5/39.
[15649]:الواو ساقطة من الأصل.
[15650]:أدرج قبلها في الأصل: أي.
[15651]:في الأصل وم: شريك.
[15652]:في الأصل وم: شريك.
[15653]:ساقطة من الأصل وم.