قوله : { حُسْناً } : فيه أوجهٌ ، أحدُها ، أنه نعتُ مصدرٍ محذوفٍ أي إيصاءً حُسْناً : إمَّا على المبالغةِ ، جُعِل نفسَ الحُسْن ، وإمَّا على حَذْفِ مضاف أي : ذا حُسْن . الثاني : أنه مفعولٌ به . قال ابنُ عطية : " وفي ذلك تَجَوَّزٌ . والأصلُ : ووَصَّيْنا الإِنسانَ بالحُسْن في فِعْله مع والدَيْه . ونظيرُ هذا قولُ الشاعر :
عَجِبْتُ مِنْ دَهْماءَ إذ تَشْكُوْنا *** ومِنْ أبي دَهْماءَ إذ يُوصِيْنا
وَصَّيْتُ مِنْ بَرَّةَ قلباً حُرَّاً *** بالكَلْبِ خيراً والحَماةِ شَرَّاً
وعلى هذا فيكونُ الأصلُ : وصَّيْناه بحُسْنٍ في أَمْرِ والدَيْه ثم جُرَّ الوالدان بالباء فانتصَبَ " حُسْناً " ، وكذلك البيتان . والباءُ في الآية والبيتين في هذه الحالةِ للظرفيةِ .
الثالث : أنَّ " بوالديه " هو المفعولُ الثاني : فينتصبُ " حُسْناً " بإضمار فعلٍ أي : يَحْسُن حُسْناً ، فيكونُ مصدراً مؤكداً . كذا قيل . وفيه نظرٌ ؛ لأنَّ عاملَ المؤكِّد لا يُحْذَفُ . الرابع : أنَّه مفعولٌ به على التضمينِ أي : أَلْزَمْناه حُسْناً . الخامس : أنَّه على إسقاطِ الخافض أي : بحُسْنٍ . وعبَّر صاحب " التحرير " عن ذلك بالقطع . السادس : أنَّ بعضَ الكوفيين قَدَّره : ووصَّيْنا الإِنسانَ أَنْ يَفْعَلَ بوالديه حُسْناً . وفيه حَذْفُ " أنْ " وصلتِها وإبقاءُ معمولِها . ولا يجوزُعند البصريين . السابع : أنَّ التقديرَ : ووصَّيْناه بإيتاءِ والدَيْه حُسناً . وفيه حَذْفُ المصدرِ ، وإبقاءُ معمولِه . ولا يجوزُ . الثامن : أنَّه منصوبٌ انتصابَ " زيداً " في قولِك لمَنْ رأيتَه مُتَهيِّئاً للضَرْب : زيداً أي : اضرِبْ زيداً . والتقديرُ هنا : أَوْلِهما حُسْناً أو افعلْ بهما حُسْناً . قالهما الزمخشري .
وقرأ عيسى والجحدري/ " حَسَناً " بفتحتين ، وهما لغتان كالبُخْلِ والبَخَل ، وقد تقدَّم ذلك أوائل البقرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.