النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَوَصَّيۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيۡهِ حُسۡنٗاۖ وَإِن جَٰهَدَاكَ لِتُشۡرِكَ بِي مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٞ فَلَا تُطِعۡهُمَآۚ إِلَيَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (8)

قوله تعالى : { وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً } فيه وجهان :

أحدهما : معناه ألزمناه أن يفعل بهما برّاً ، قاله السدي .

الثاني : أن ما وصيناه به من برهما [ حسن ] حسناً .

{ وَإِن جَاهَدَاكَ } أي ألزماك .

{ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } وفيه وجهان :

أحدهما : ما ليس لك به حجة لأن الحجة طريق العلم .

الثاني : أن تجعل لي شريكاً لأنه ليس لأحد بذلك من علم .

{ فَلاَ تُطِعْهُمَا } فأمر بطاعة الوالدين في الواجبات حتماً وفي المباحات ندباً ونهى عن طاعتهما في المحظورات جزماً . وقد جاء في الأثر : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق{[2147]} .

{ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ } يعني في القيامة .

{ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } يعني في الدنيا من خير يستحق به الثواب وشر يستوجب به عقاب .

واختلفوا في سبب نزولها وإن عم حكمها على قولين :

أحدهما : نزلت في سعد بن أبي وقاص وقد حلفت أمّه عليه وأقسمت ألاّ تأكل طعاماً حتى يرجع عن دين محمد صلى الله عليه وسلم . قاله مصعب وسعد وقتادة .

الثاني : أنها نزلت في عياش بن أبي ربيعة .


[2147]:ورد حديث بمعناه وهو "السمع والطاعة حق في غير المعصية" رواه الستة وأحمد والدارمي.