معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تَدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ وَلَمَّا يَأۡتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلِكُمۖ مَّسَّتۡهُمُ ٱلۡبَأۡسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلۡزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ مَتَىٰ نَصۡرُ ٱللَّهِۗ أَلَآ إِنَّ نَصۡرَ ٱللَّهِ قَرِيبٞ} (214)

قوله تعالى : { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة } . قال قتادة والسدي : نزلت هذه الآية في غزوة الخندق حين أصاب المسلمين ما أصابهم من الجهد ، وشدة الخوف والبرد وضيق العيش وأنواع الأذى كما قال الله تعالى : ( وبلغت القلوب الحناجر ) وقيل نزلت في حرب أحد . وقال عطاء : لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة اشتد عليهم الضر ، لأنهم خرجوا بلا مال وتركوا ديارهم وأموالهم بأيدي المشركين وآثروا رضا الله ورسوله ، وأظهرت اليهود العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأسر قوم النفاق ، فأنزل الله تعالى تطييباً لقلوبهم ( أم حسبتم ) أي : أحسبتم ، " والميم " صلة ، قاله الفراء ، وقال الزجاج : بل حسبتم ، ومعنى الآية : أظننتم أيها المؤمنون أن تدخلوا الجنة .

قوله تعالى : { ولما يأتكم } . أي ولم يأتكم " وما " صلة .

قوله تعالى : { مثل الذين خلوا } . شبه الذين مضوا .

قوله تعالى : { من قبلكم } . من النبيين ، والمؤمنين .

قوله تعالى : { مستهم البأساء } . الفقر والشدة والبلاء .

قوله تعالى : { والضراء } . المرض والزمانة .

قوله تعالى : { وزلزلوا } . أي حركوا بأنواع البلايا ، والرزايا وخوفوا .

قوله تعالى : { حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله } . ما زال البلاء بهم حتى استبطؤوا النصر . قوله تعالى : { ألا إن نصر الله قريب } . قرأ نافع ( حتى يقول الرسول ) بالرفع ، معناه " حتى قال الرسول " ، وإذا كان الفعل الذي يلي " حتى " في معنى الماضي ، ولفظه لفظ المستقبل فلك فيه الوجهان ، الرفع والنصب ، فالنصب على ظاهر الكلام ، لأن حتى تنصب الفعل المستقبل ، والرفع لأن معناه الماضي ، وحتى لا تعمل في الماضي .

قوله تعالى : { يسألونك ماذا ينفقون } . نزلت في عمرو بن الجموح ، وكان شيخاً كبيراً ذا مال فقال : يا رسول الله بماذا نتصدق وعلى من ننفق ؟ وعلى من ننفق ؟ فأنزل الله تعالى : { يسألونك ماذا ينفقون } .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تَدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ وَلَمَّا يَأۡتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلِكُمۖ مَّسَّتۡهُمُ ٱلۡبَأۡسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلۡزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ مَتَىٰ نَصۡرُ ٱللَّهِۗ أَلَآ إِنَّ نَصۡرَ ٱللَّهِ قَرِيبٞ} (214)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنّةَ وَلَمّا يَأْتِكُم مّثَلُ الّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مّسّتْهُمُ الْبَأْسَآءُ وَالضّرّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتّىَ يَقُولَ الرّسُولُ وَالّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَىَ نَصْرُ اللّهِ أَلآ إِنّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ }

وأما قوله : أمْ حَسِبْتُمْ كأنه استفهم ب«أم » في ابتداء لم يتقدمه حرف استفهام لمسبوق كلام هو به متصل ، ولو لم يكن قبله كلام يكون به متصلاً ، وكان ابتداء لم يكن إلا بحرف من حروف الاستفهام ، لأن قائلاً لو كان قال مبتدئا كلاما لاَخر : أم عندك أخوك ؟ لكان قائلاً ما لا معنى له ولكن لو قال : أنت رجل مدلّ بقوتك أم عندك أخوك ينصرك ؟ كان مصيبا . وقد بينا بعض هذا المعنى فيما مضى من كتابنا هذا بما فيه الكفاية عن إعادته .

فمعنى الكلام : أم حسبتم أنكم أيها المؤمنون بالله ورسله تدخلون الجنة ، ولم يصبكم مثل ما أصاب من قبلكم من أتباع الأنبياء والرسل من الشدائد والمحن والاختبار ، فتبتلوا بما ابتلوا واختبروا به من البأساء وهو شدّة الحاجة والفاقة والضرّاء ، وهي العلل والأوصاب ولم تزلزلوا زلزالهم ، يعني : ولم يصبهم من أعدائهم من الخوف والرعب شدة وجهد حتى يستبطىء القوم نصر الله إياهم ، فيقولون : متى الله ناصرنا . ثم أخبرهم الله أن نصره منهم قريب ، وأنه معليهم على عدوّهم ، ومظهرهم عليه ، فنجز لهم ما وعدهم ، وأعلى كلمتهم ، وأطفأ نار حرب الذين كفروا .

وهذه الآية فيما يزعم أهل التأويل نزلت يوم الخندق ، حين لقي المؤمنون ما لقوا من شدة الجهد ، من خوف الأحزاب ، وشدة أذى البرد ، وضيق العيش الذي كانوا فيه يومئذٍ ، يقول الله جل وعز للمؤمنين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نَعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فأرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحا وَجُنُودا لَمْ تَرَوْها » إلى قوله : وَإذْ زَاغَتِ الأبْصَارُ وَبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَناجِرَ وَتظُنّونَ باللّهِ الظّنُونا هُنالِكَ ابْتُلِيَ المُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَلاً شَدِيدا . ذكر من قال نزلت هذه الآية يوم الأحزاب :

حدثني موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : أمْ حَسِبْتُمْ أنْ تَدْخُلُوا الجَنةَ وَلمّا يَأتِكُمْ مَثَلُ الّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَستّهُمُ البَأساءُ وَالضّرّاءُ وَزُلْزِلُوا قال : نزل هذا يوم الأحزاب حين قال قائلهم : ما وَعَدَنا اللّهُ وَرَسُولُهُ إلاّ غُرُورا .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله وَلمّا يأتِكُمْ مَثَلُ الّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ ، مَسّتْهُمُ البَأساءُ وَالضّرّاءُ وَزُلْزِلُوا قال : نزلت في يوم الأحزاب ، أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بلاء وحصر ، فكانوا كما قال الله جل وعز : وَبَلغَتِ القُلُوبُ الحَناجِرَ .

وأما قوله : وَلمّا يَأتِكُمْ فإن عامة أهل العربية يتأوّلونه بمعنى : ولم يأتكم ، ويزعمون أن ما صلة وحشو ، وقد بينت القول في «ما » التي يسميها أهل العربية صلة «ما » ، حكمها في غير هذا الموضع بما أغنى عن إعادته .

وأما معنى قوله : مَثَلُ الّذِين خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ فإنه يعني : شبه الذين خلوا فمضوا قبلكم . وقد دللت في غير هذا الموضع على أن المثل الشبه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثت عن عمار ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع قوله : أمْ حَسِبْتُمْ أنْ تَدْخُلُوا الجَنّةَ وَلَمّا يَأتِكُمْ مَثَلُ الّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسّتهُمْ البْأسَاءُ وَالضّرّاءُ وَزُلْزِلُوا .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن عبد الملك بن جريج ، قال قوله : حتّى يَقُولَ الرّسُولُ وَالّذِين آمَنُوا قال : هو خيرهم وأعلمهم بالله .

وفي قوله : حتى يَقُولَ الرّسُولُ وجهان من القراءة : الرفع ، والنصب . ومن رفع فإنه يقول : لما كان يحسن في موضعه «فعل » أبطل عمل «حتى » فيها ، لأن «حتى » غير عاملة في «فَعَلَ » ، وإنما تعمل في «يفعل » ، وإذا تقدمها «فعل » وكان الذي بعدها «يفعل » ، وهو مما قد فعل وفرغ منه ، وكان ما قبلها من الفعل غير متطاول ، فالفصيح من كلام العرب حينئذٍ الرفع في «يفعل » وإبطال عمل «حتى » عنه ، وذلك نحو قول القائل : قمت إلى فلان حتى أضربه ، والرفع هو الكلام الصحيح في «أضربه » ، إذا أراد : قمت إليه حتى ضربته ، إذا كان الضرب قد كان وفُرغ منه ، وكان القيام غير متطاول المدة . فأما إذا كان ما قبل «حتى » من الفعل على لفظ «فعل » متطاول المدة ، وما بعدها من الفعل على لفظ غير منقض ، فالصحيح من الكلام نصب «يفعل » وإعمال «حتى » ، وذلك نحو قول القائل : ما زال فلان يطلبك حتى يكلمك ، وجعل ينظر إليك حتى يثبتك فالصحيح من الكلام الذي لا يصحّ غير النصب ب«حتى » ، كما قال الشاعر :

مَطَوْتُ بِهِمْ حتى تَكِلّ مَطِيّهُمْ *** وحتّى الجِيَادُ ما يُقَدْنَ بأرْسانِ

فنصب تكل والفعل الذي بعد حتى ماض ، لأن الذي قبلها من المطو متطاول ، والصحيح من القراءة إذا كان ذلك كذلك : «وزلزلوا حتى يقولَ الرسول » ، نصب يقول ، إذ كانت الزلزلة فعلاً متطاولاً ، مثل المطو بالإبل . وإنما الزلزلة في هذا الموضع : الخوف من العدوّ ، لا زلزلة الأرض ، فلذلك كانت متطاولة وكان النصب في «يقول » وإن كان بمعنى «فعل » أفصح وأصحّ من الرفع فيه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تَدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ وَلَمَّا يَأۡتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلِكُمۖ مَّسَّتۡهُمُ ٱلۡبَأۡسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلۡزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ مَتَىٰ نَصۡرُ ٱللَّهِۗ أَلَآ إِنَّ نَصۡرَ ٱللَّهِ قَرِيبٞ} (214)

أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ( 214 )

وقوله تعالى : { أم حسبتم } الآية ، { أم } قد تجيء لابتداء كلام بعد كلام وإن لم يكن تقسيم ولا معادلة ألف استفهام ، وحكى بعض اللغويين أنها قد تجىء بمثابة ألف الاستفهام( {[1996]} ) يبتدأ بها ، و { حسبتم } تطلب مفعولين ، فقال النحاة { أن تدخلوا } تسد مسد المفعولين لأن الجملة التي بعد { أن } مستوفاة المعنى ، ويصح أن يكون المفعول الثاني محذوفاً ، تقديره أحسبتم دخولكم الجنة واقعاً ، و { لما } ، ولا يظهر أن يتقدر المفعول الثاني في قوله { ولمّا يأتكم } بتقدير أحسبتم دخولكم الجنة خلواً من أن يصيبكم ما أصاب من قبلكم ، لأن { خلوا } حال ، والحال هنا إنما تأتي بعد توفية المفعولين ، والمفعولان هما الابتداء والخبر قبل دخول حسب ، و { البأساء } : في المال ، و { الضراء } : في البدن : و { خلوا } معناه انقرضوا ، أي صاروا في خلاء من الأرض .

وهذه الآية نزلت في قصة الأحزاب حين حصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في المدينة ، هذا قول قتادة والسدي وأكثر المفسرين .

وقالت فرقة : نزلت الآية تسلية للمهاجرين الذين أصيبت أموالهم بعدهم في بلادهم وفتنوا هم قبل ذلك ، و { مثل } معناه شبه ، فالتقدير شبه آتى الذين { خلوا }( {[1997]} ) ، والزلزلة شدة التحريك ، تكون في الأشخاص وفي الأحوال ، ومذهب سيبويه أن «زلزل » رباعي ك «دحرج » .

وقال الزجّاج : «هو تضعيف في زل » فيجيء التضعيف على هذا في الفاء ، وقرأ الأعمش «وزلزلوا ويقول الرسول » بالواو بدل حتى ، وفي مصحف ابن مسعود «وزلزلوا ثم زلزلوا ويقول الرسول » ، وقرا نافع «يقولُ » بالرفع ، وقرأ الباقون «يقولَ » بالنصب ، ف { حتى } غاية مجردة تنصب الفعل بتقدير إلى أن ، وعلى قراءة نافع كأنها اقترن بها تسبيب فهي حرف ابتداء ترفع الفعل( {[1998]} ) ، وأكثر المتأولين على أن الكلام إلى آخر الآية من قول الرسول والمؤمنين ، ويكون ذلك من قول الرسول على طلب استعجال النصر لا على شك ولا ارتياب( {[1999]} ) ، و { الرسول } اسم الجنس( {[2000]} ) ، وذكره الله تعظيماً للنازلة التي دعت الرسول إلى هذا القول ، وقالت طائفة : في الكلام تقديم وتأخير ، والتقدير حتى يقول الذين آمنوا متى نصر الله فيقول الرسول { ألا إن نصر الله قريب } ، فقدم الرسول في الرتبة لمكانته ثم قدم قول المؤمنين لأنه المتقدم في الزمان .

قال القاضي أبو محمد : وهذا تحكم ، وحمل الكلام على وجهه غير متعذر( {[2001]} ) ، ويحتمل أن يكون { ألا إن نصر الله قريب } إخباراً من الله تعالى مؤتنفاً بعد تمام ذكر القول .


[1996]:- مراده بهذا والله أعلم – أنها منقطعة والمنقطعة تقدر بـ (بل وهمزة الاستفهام) وبل إضراب أي انتقال من كلام إلى كلام، والاستفهام تقرير إلا أن قوله: «تجيء لابتداء كلام» ينافي أنها بمعنى (بل والهمزة)، فكما أن (بل) لا بد أن يأتي قبلها كلام حتى يصير في حيز عطف الجمل، فكذلك ما تضمنه معناها. والحاصل أن (أمْ) هنا – إما منقطعة بمعنى (بل والهمزة)، وإما متصلة بتقدير جملة قبلها كما حكاه بعض المفسرين، وإما استفهام بمعنى الهمزة كما قاله بعض اللغويين.
[1997]:- وقوله تعالى: [مسّتهم البأساء والضّرّاء] بيان لهذا المثل، كأنه قيل، ما ذلك المثل ؟ قيل: مستهم البأساء والضراء، فليس لهذه الجملة محل إعراب لأنها تفسير لما قبلها، وفي الآية استدعاء للصبر الذي هو وسيلة النصر، كما قال تعالى: [ألا إن نصر الله قريب] أي من الصابرين.
[1998]:- أي: وزلزلوا فيقول الرسول الآية، وعلى هذا فقراءة الرفع أظهر وأصح معنى لأن القول إنما كان عن الزلزلة غير منقطع منها. فالمعنى: زلزلوا حتى الرسول يقول: أي حتى هذه حاله. والنصب على الغاية ليس فيه هذا المعنى. والله أعلم.
[1999]:- «الذي يقتضيه النظر – كما قال أبو (ح) رحمه الله – أن الجملتين داخلتان تحت القول،. وأن الجملة الأولى من قول المؤمنين. قالوا ذلك استبطاء للنصر وتضجراً لما نالهم من الشدة، والجملة الثانية من قول الرسول إجابة لهم وإعلام بقرب النصر، فتعود كل جملة لمن يناسبها. وصح نسبة المجموع بالمجموع لا نسبة المجموع لكل نوع من القائلين ا هـ. وهذا الأخير أي نسبة المجموع إلى كل نوع من القائلين هو ما أشار إليه ابن عطية رحمه الله. فهذان قولان: نسبة المجموع للمجموع، ونسبة المجموع إلى كلّ من الرسول والمؤمنين، والقول الثالث أشار إليه ابن عطية في النهاية وهو أن : [متى نصر الله] من قول الرسول والمؤمنين و[ألا إن نصر الله قريب] من كلام الله تعالى.
[2000]:- أي لا واحد بعينه، ومن المفسرين من عيّنه بمحمد صلى الله عليه وسلم، ويدل على ذلك سبب نزول الآية.
[2001]:- لله در الإمام ابن عطية رحمه الله، فإنه لا يجاري مثل هذه الأقوال، ودائما يعقب عليها ويرميها وراء الظهر، لأنها تفتح بابا يعسر سده، وقوله: تحكُّمٌ – أي حكم من دون إبداء سبب يُعَيِّنُ ذلك، كيف وحمل الكلام على ما هو عليه مُتيسر ؟