تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تَدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ وَلَمَّا يَأۡتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلِكُمۖ مَّسَّتۡهُمُ ٱلۡبَأۡسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلۡزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ مَتَىٰ نَصۡرُ ٱللَّهِۗ أَلَآ إِنَّ نَصۡرَ ٱللَّهِ قَرِيبٞ} (214)

الآية 214 وقوله تعالى : ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ) ؛ قيل : معنى قوله : ( أم حسبتم ) على إسقاط أم{[2413]} وقيل : ( أم حسبتم ) بمعنى : بل حسبتم .

وقوله : ( ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم ) ؛ قيل : شبه ، وقيل : ( مثل الذين خلوا من قبلكم ) ، خبر ( الذين خلوا من قبلكم ) وقيل : [ ( مثل الذي خلوا من قبلكم ) سنن ( الذين خلوا من قبلكم ) ]{[2414]} من البلاء والمحن التي أصابت الماضين من المؤمنين .

وقوله : ( أم حسبتم ) الآية : ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ) قبل أن تبتلوا كما ابتلي من قبلكم ؛ أي لا تظنوا ذلك جملة ، وإن كان فيها من يدخل ، والله أعلم ، كقوله تعالى : ( أحسب الناس ) [ العنكبوت : 2 ] [ إلى آخر الآية ]{[2415]} .

وقيل : إن القصة فيها{[2416]} أن المنافقين قالوا للمؤمنين : لم تقتلون أنفسكم /34-أ/ وتهلكون أموالكم ؟ فإنه لو كان محمد نبيا لم نسلط عليه ، فقال المؤمنون لهم : إن من قتل منا دخل الجنة ، فقالوا : لم تمنون الباطل والبلايا ؟ فأنزل الله تعالى : ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ) من غير أن تبتلوا ، ويصيبكم الشدائد ( ولما يأتيكم ) خبر ( الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء ) .

وقوله : ( وزلزلوا ) ؛ قيل : حركوا ، وقيل : جهدوا .

وقوله : ( حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه ) [ يعني : قال الرسول ]{[2417]} ( متى نصر الله ) ؟ ؛ قيل فيه بوجهين : قيل : [ ( يقول الرسول ) ]{[2418]} والمؤمنون جميعا ( متى نصر الله ) ثم يقول الله لهم : ( ألا إن نصر الله قريب ) ، [ وقيل : يقول المؤمنون )متى نصر الله ) ؟ يقول الرسول : ( ألا إن نصر الله قريب ) ]{[2419]} . ويحتمل هذا في كل رسول بعثه الله إلى أمته ؛ يقول هذا ، وأمته يقولون أيضا . ويحتمل أن كان هذا في [ رسول دون رسول ]{[2420]} على ما قاله بعض أهل التأويل : إنه فلان . وليس لنا إلى معرفة ذلك سبيل إلا من جهة السمع ، ولا حاجة لنا إلى معرفته .

[ وفي قوله : ( أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ) [ التوبة : 16 ] ، وفي قوله : ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ) [ آل عمران : 142 ] وجه آخر ، وهو أنهم ، والله أعلم ، ؟ ظنوا لما أتوا بالإيمان أن يدخلوا الجنة ، ولا يبتلون بشيء من المحن والفتن وأنواع الشدائد ، فأخبر عز وجل أن في الإيمان المحن والشدائد ، لا بد منها ، كقوله [ عليه السلام ]{[2421]} : " حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات " [ مسلم : 2822 ] ، والله أعلم . كقوله : ( الم ) ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ) [ العنكبوت 1 و 2 ] ؛ ولأن الإيمان من حيث نفسه ليس بشديد ، لأنه معرفة حق وقول صدق ، ولا فرق بين قول الصدق [ وقول الكذب ]{[2422]} ، ومعرفة الحق [ ومعرفة الباطل ]{[2423]} في احتمال المؤن ، والإيمان مخالفة الهوى والطبع ؛ وذلك في أنواع المحن ]{[2424]} ، [ والله أعلم ]{[2425]} .


[2413]:- في الأصل و م: الميم.
[2414]:- في الأصل و م: سنن (الذين خلوا من قبلكم)، في ط ع: (مثل الذين خلوا من قبلكم).
[2415]:- أدرج في ط ع تتمة الآية بدل هذه العبارة.
[2416]:في النسخ الثلاث: فيه
[2417]:-ساقطة من ط ع.
[2418]:من ط ع.
[2419]:-من ط ع..
[2420]:-من ط ع و م.
[2421]:- من ط ع.
[2422]:- من ط ع، في الأصل و م: والكذب.
[2423]:- من ط ع، في الأصل و م: والباطل.
[2424]:- أدرجت هذه العبارة في الأصل وم في آخر تفسير الآية 215، بعد: وفيه دلالة لزوم نفقة الوالدين والمحارم.
[2425]:- من ط ع.