{ أَمْ حَسِبْتُمْ } وهو ابتداء بأم من غير استفهام ، فالألف والميم صلة معناه : أحسبتم ، قاله الفرّاء .
وقال الزّجاج : معناه : بل حسبتم ، كقول الشاعر :
بدت مثل قرن الشمس في رونق الضحى *** وصورتها أم أنت في العين أملح
أي بل وأنت ، وكل شيء في القرآن من هذا النحو فهذا سبيله وتأويله ، ومعنى الآية أظننتم والرسول أن تدخلوا الجنة . { وَلَمَّا يَأْتِكُم } يعني ولم يأتكم وحاصله كقوله تعالى : { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ } [ الجمعة : 3 ] وقال النابغة :
أزف الترحّل غير أنّ ركابنا *** لمّا تزل برحالنا وكأَنْ قَدِ
أي لم تزل { مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم } مَضَوا ( مِن قَبْلِكُم ) من النبيين والمؤمنين [ وسُنّتهم ] .
ثم ذكر ما أصابهم فقال : { مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَآءُ } يعني الفقر والضرّ والشدّة والبلاء { وَالضَّرَّآءُ } المرض والزمانة { وَزُلْزِلُواْ } حُرّكوا بأنواع البلايا والرزايا وخُوِّفوا { حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ } ما تلك البلايا حتى استبطأوا الرزق ، قال الله : { أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ } واختلف القرّاء في قوله تعالى : { يَقُولَ الرَّسُولُ } فقرأ مجاهد بفتح وضمّة .
الأعرج : يقول رفعاً ، وقرأها الآخرون نصباً ، فمن نصب فعلى ظاهر الكلام لأن حتى تنصب الفعل المستقبل ، ومَنْ رفع لأنّ معناه حتى قال الرسول ، وإذا كان الفعل الذي يلي حتى في معنى الماضي ولفظه لفظ المستقبل ، فلك فيه دون الرفع والنصب ، فالرفع لأنّ حتى لا بعمل الماضي ، والنصب بإضمار أنّ الخفيفة عند البصريين ، وبالصرف عند الكوفيين ، [ مثل قولك : ] سرنا حتى ندخل مكة بالرفع أي حتى دخلناها ، فاذا كان بمعنى المستقبل فالنصب لا غير .
وقال وهب بن منبه : يوجد فيما بين مكة والطائف سبعون [ نبيًّا ] ميتين كان سبب موتهم الجوع والعمل ، وقال وهب أيضاً : قرأت في كتاب رجل [ من الحواريينٍ ] إذا سُلك بك سبيل البلاء فقرَّ عيناً ، فإنه سُلك بك سبيل الأنبياء والصالحين . وإذا سُلك بك سبيل الرخاء فابكِ على نفسك ( لأنّه حاد ) بك عن سبيلهم . [ شعبة عن عاصم بن بهدلة ] عن مصعب بن سعد عن أبيه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم " أيّ الناس أشدّ بلاء فقال : الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل من الناس ، فيبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان صلب الدين اشتدّ بلاؤه ، وإن كان في دينه رقّة فهي على حسب ذلك ، ولا يبرح البلاء عن العبد حتى يدعه يمشي على الأرض وليس عليه خطيّة " .
وعن عبد الرحمن بن ذهل قال : كان وزير عيسى عليه الصلاة والسلام ركب يوماً فأخذه السبع فأكله فقال عيسى : يا ربّ وزيري في دينك ، وعوني على بني إسرائيل ، وخليفتي من سلّطت عليه كلبك فأكله ، قال : نعم كانت له عندي منزلة رفيعة ، لم أجد عمله بلغها فأبتليته بذلك لأبلغه تلك المنزلة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.