قوله : ( اَمْ حَسِبْتُمُ أَن تَدْخُلُوا الجَنَّةَ ) الآية [ 212 ] .
" أم " ( {[6899]} ) للخروج( {[6900]} ) من حديث إلى حديث( {[6901]} ) .
وقال الطبري : " أم " للاستفهام ، ومعنى اللام " أحسبتم " . قال : وإنما تكون " أم " للاستفهام( {[6902]} ) إذا( {[6903]} ) تقدمها كلام ، فإن لم يتقدمها كلام لم تقع كذلك " ( {[6904]} ) .
قوله : ( حَتَّى يَقُولُ الرَّسُولُ ) [ 212 ] .
النصب( {[6905]} ) فيه على الغاية كأنك قلت : " وزلزلوا إلى أن يقول الرسول " . فيكون الفعلان قد مضيا . ويجوز النصب في غير القرآن على أن الثاني من أجله وقع الأول ، كأنك قلت : " كي يقول " ( {[6906]} ) ، فالأول حدث كي يكون الثاني ، ولا يحسن هذا في الآية( {[6907]} ) .
والرفع في الآية على أن يكون ما بعدها جملة لا تعمل " حتى " فيه ، أي " وزلزلوا ، فقال الرسول " ، ويكون الفعلان أيضاً مضيا( {[6908]} ) أي حتى هذه حال( {[6909]} ) الرسول( {[6910]} ) ، ويجوز الرفع في الكلام على أن يكون الألف قد مضى ، والثاني في الحال ؛ تقول : " سرت حتى أدخلها " أي حتى أنا الآن أدخلها ، فالسير مضى( {[6911]} ) ، والدخول( {[6912]} ) الآن ، ولا يجوز هذا في الآية( {[6913]} ) .
وقال أبو عمرو( {[6914]} ) : " لما اختلف الفعلان في الآية ، كان الوجه في الثاني النصب " .
قوله : ( أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ )( {[6915]} ) [ 212 ] .
يجوز في " قريب " النصب على أنه نعت لظرف( {[6916]} ) محذوف . ولا يثنى( {[6917]} ) قريب ولا يجمع ولا يؤنث إلا أن يكون للنسب والقرابة ، فيجوز ذلك فيه( {[6918]} ) .
ومعنى الآية : أحسبتم أيها المؤمنون أن تدخلوا الجنة( {[6919]} ) ولم يصبكم مثل( {[6920]} ) ما أصاب من كان قبلكم من اتباع الأنبياء من الشدائد والخوف حتى قال الرسول والذين معه( {[6921]} ) : ( مَتَى نَصْرُ اللَّهِ ) ، كأنهم استبطأوا النصر فأخبرهم( {[6922]} ) الله( {[6923]} ) تعالى أن/نصر الله قريب( {[6924]} ) .
وقيل : إن في الآية تقديماً وتأخيراً وحذفاً للاختصار والتقدير : وزلزلوا حتى يقولوا ؟ ( مَتَى نَصْرُ اللَّهِ ) ، ويقول لهم/الرسول : ( أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ) استبطأوا النصر وزاد عليهم الخوف ، فقالوا : متى نصر الله ؟ فقال لهم الرسول : ( أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ )( {[6925]} ) .
فقوله : ( أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ) من قول الرسول ، وقوله : ( مَتَى نَصْرُ اللَّهِ ) من قول المؤمنين من أمة الرسول .
وهذه الآية في قول السدي وقتادة نزلت يوم الخندق حين اشتد على المؤمنين أمر الأحزاب وآذاهم البرد( {[6926]} ) وضيق العيش ، وفيه نزل( {[6927]} ) : ( يَأَيُّهَا الذِينَ ءَامَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمُ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ ) إلى ( قَدِيراً )( {[6928]} ) [ الأحزاب : 9-27 ]( {[6929]} ) .
قال السدي : [ اشتد على/المؤمنين الأمر ]( {[6930]} ) حتى قال قائلهم : ( مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً )( {[6931]} )( {[6932]} ) . يريد قاله بعض المنافقين .
( وَالذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ )( {[6933]} ) . أي شك . قالوا( {[6934]} ) ذلك أيضاً/كذلك حكى الله عنهم في سورة الأحزاب . وقيل( {[6935]} ) : " إنها نزلت في المهاجرين إذ تركوا أموالهم ودورهم( {[6936]} ) بمكة ، فحكم فيها المشركون ، فضاقت بهم( {[6937]} ) الحال في المدينة فَآخَى النبي [ عليه السلام ]( {[6938]} ) بينهم وبين الأنصار فَوَاسَوْهُمْ فنزلت الآية تعزية لهم وتصبيراً( {[6939]} ) .
وذكر وهب بن( {[6940]} ) منبه : " أن سبعين نبياً دفنوا في مسجد الخيف( {[6941]} ) ، كلهم ماتوا من الجوع والقمل " ( {[6942]} ) .
وقال النبي [ صلى الله عليه وسلم ]( {[6943]} ) : سأل نبي من الأنبياء سعة الرزق فأوحى الله إليه : ( أَمَا يَكْفِيكَ أَنِّي عَصَمْتُكَ مِنَ الكُفْرِ ) .
فلو رضيَ اللَّهُ الدنيا لأحد من أوليائه ما نال منها الكافر جرعة ماء ، ولكن الله لم يجعلها ثواباً لمؤمن( {[6944]} ) ولا عقاباً لكافر .
قوله : ( البَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ ) [ 212 ] الفقر والمرض( {[6945]} ) .
وقال القتبي( {[6946]} ) : " البأساء : الشدة ، والضراء : البلاء " ( {[6947]} ) .
ومعنى ( وَزُلْزِلُوا ) خوفوا( {[6948]} ) وحركوا( {[6949]} ) .
وأصله من " زال الشيء من مكانه " . ومعنى " زلزلته " ( {[6950]} ) كررت( {[6951]} ) زلزلته( {[6952]} ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.