بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تَدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ وَلَمَّا يَأۡتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلِكُمۖ مَّسَّتۡهُمُ ٱلۡبَأۡسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلۡزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ مَتَىٰ نَصۡرُ ٱللَّهِۗ أَلَآ إِنَّ نَصۡرَ ٱللَّهِ قَرِيبٞ} (214)

{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الجنة } يقول : ظننتم أن تدخلوا الجنة . { وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم } من أتباع الرسل من قبلكم ، أي لم يأتكم صفة الذين مضوا من قبلكم ، يعني لم يصبكم مثل الذي أصاب من قبلكم . ويقال : لم تبتلوا بمثل الذي ابتلي من قبلكم . { مَّسَّتْهُمُ البأساء والضراء } . { البأساء } : الشدة والبؤس ، { والضراء } : الأمراض والبلاء . { وَزُلْزِلُواْ } ، أي حركوا وأجهدوا ، { حتى يَقُولَ الرسول والذين آمَنُواْ مَعَهُ } قال مقاتل : يعني شعيب النبي صلى الله عليه وسلم وهو اليسع . وقال الكلبي : هذا في كل رسول بعث إلى أمته ، واجتهد في ذلك حتى قال : { متى نَصْرُ الله } ؟ قال الله تعالى : { أَلا إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ } .

روي عن الضحاك أنه قال : يعني محمداً صلى الله عليه وسلم . ومعنى ذلك أظننتم أن تدخلوا الجنة ولم تبتلوا كما ابتلي الذين من قبلكم ، { مستهم البأساء والضراء } وزلزلوا فيصيبكم مثل ذلك ، حتى يقول : محمد صلى الله عليه وسلم : { متى نَصْرُ الله أَلا إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ } ، يعني فتح الله تعالى قريب ، أي فتح الله تعالى إلى مكة عاجلٌ . وإنما ظهر لهم ذلك في يوم الأحزاب ، فأصابهم خوف شديد وكانوا كما قال الله تعالى : { إِذْ جَاءُوكُمْ مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأبصار وَبَلَغَتِ القلوب الحناجر وَتَظُنُّونَ بالله الظنونا } [ الأحزاب : 10 ] ، فصدق الله وعده وأرسل عليهم ريحاً وجنوداً ، وهزم الكفار . فذلك قوله تعالى : { أَلا إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ } قرأ نافع : { حتى يَقُولَ الرسول } بالرفع على معنى المستأنف . وقرأ الباقون : بالنصب على معنى الماضي .