معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلَّآ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَٱخۡتَلَفُواْۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيۡنَهُمۡ فِيمَا فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (19)

قوله تعالى : { وما كان الناس إلا أمة واحدة } ، أي : على الإسلام . وقد ذكرنا الاختلاف فيه في سورة البقرة . { فاختلفوا } ، وتفرقوا إلى مؤمن وكافر ، { ولولا كلمة سبقت من ربك } ، بأن جعل لكل أمة أجلا . وقال الكلبي : هي إمهال هذه الأمة وأنه لا يهلكهم بالعذاب في الدنيا ، { لقضي بينهم } ، بنزول العذاب وتعجيل العقوبة للمكذبين ، وكان ذلك فصلا بينهم ، { فيما فيه يختلفون } ، وقال الحسن : ولولا كلمة سبقت من ربك ، مضت في حكمه أنه : لا يقضي بينهم فيما اختلفوا فيه بالثواب والعقاب دون القيامة ، لقضي بينهم في الدنيا فأدخل المؤمن الجنة والكافر النار ، ولكنه سبق من الله الأجل فجعل موعدهم يوم القيامة .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلَّآ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَٱخۡتَلَفُواْۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيۡنَهُمۡ فِيمَا فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (19)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَا كَانَ النّاسُ إِلاّ أُمّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رّبّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وما كان الناس إلا أهل دين واحد وملة واحدة ، فاختلفوا في دينهم ، فافترقت بهم السبل في ذلك . وَلوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبّكَ يقول : ولولا أنه سبق من الله أنه لا يهلك قوما إلا بعد انقضاء آجالهم ، لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ يقول : لقضي بينهم بأن يهلك أهل الباطل منهم وينجي أهل الحقّ .

وقد بيّنا اختلاف المختلفين في معنى ذلك في سورة البقرة ، وذلك في قوله : كانَ النّاسُ أُمّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النّبَيّينَ وبيّنا الصواب من القول فيه بشواهده فأغنى عن إعادته في هذا الموضع .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : وَما كانَ النّاسُ إلاّ أُمّةً وَاحِدَةً فاخْتَلَفُوا حين قتل أحد ابني آدم أخاه .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا القاسم ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد بنحوه .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، نحوه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلَّآ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَٱخۡتَلَفُواْۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيۡنَهُمۡ فِيمَا فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (19)

{ وما كان الناس إلا أمة واحدة } موحدين على الفطرة أو متفقين على الحق ، وذلك في عهد آدم عليه السلام إلى أن قتل قابيل هابيلَ أو بعد الطوفان ، أو على الضلال في فترة من الرسل . { فاختلفوا } باتباع الهوى والأباطيل ، أو ببعثه الرسل عليهم الصلاة والسلام فتبعتهم طائفة وأصرت أخرى . { ولولا كلمة سبقت من ربك } بتأخير الحكم بينهم أو العذاب الفاصل بينهم إلى يوم القيامة فإنه يوم الفصل والجزاء . { لقُضي بينهم } عاجلا . { فيما فيه يختلفون } بإهلاك المبطل وإبقاء المحق .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلَّآ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَٱخۡتَلَفُواْۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيۡنَهُمۡ فِيمَا فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (19)

قالت فرقة : المراد آدم كان أمة واحدة ثم اختلف الناس بعد في أمر ابنيه وقالت فرقة : المراد نسم بنيه إذ استخرجهم الله من ظهره وأشهدهم على أنفسهم وقالت فرقة : المراد آدم وبنوه من لدن نزوله إلى قتل أحد ابنيه الآخر ، وقالت فرقة : المراد { وما كان الناس إلا أمة واحدة } في الضلالة والجهل بالله فاختلفوا فرقاً في ذلك بحسب الجهالة ، ويحتمل أن يكون المعنى كان الناس صنفاً واحداً معداً للاهتداء ، واستيفاء القول في هذا متقدم في سورة البقرة في قوله { كان الناس أمة واحدة }{[6051]} . وقرأ الحسن بن أبي الحسن وأبو جعفر ونافع وشيبة وأبو عمرو «لقُضِي بينهم » بضم القاف وكسر الضاد ، وقرأ عيسى بن عمر «لقَضى » بفتحهما على الفعل الماضي ، وقوله { ولولا كلمة سبقت من ربك } يريد قضاءه وتقديره لبني آدم بالآجال المؤقتة ، ويحتمل أن يريد الكلمة ، في أمر القيامة وأن العقاب والثواب إنما كان حينئذ . {[6052]}


[6051]:- من الآية (213) من سورة (البقرة).
[6052]:- في بعض النسخ: "إنما حينئذ"، وقد آثرنا التعبير الذي أثبته أبو حيان في نقله عن ابن عطية رحمه الله.