وقوله تعالى : ( وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا ) قال بعضهم : قوله : ( وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِداة ) أي أهل مكة ؛ كانوا كلهم أهل شرك عباد الأوثان والأصنام ، لم يكن فيهم اليهودية ولا النصرانية ولا شيء من اختلاف المذاهب . فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم اختلفوا : فمنهم من آمن به ، وصدقه ، وأخلص دينه لله ، ومنهم من عاند ، وكابر في تكذيبه بعد ن عرف أنه رسول الله ، ومنهم من شك فيه ، ومنهم من لم ينظر في أمره قط ، ولا تفكر فيه ، فصاروا أربع فرق .
وقال بعضهم : ( وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً ) بالفطرة ؛ أي كانوا جميعا على الفطرة ، وفي فطرة كل الشهادة على وحدانية الله تعالى وألوهيته كقوله : ( وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها )[ آل عمران : 83 ] وقوله : ( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) في خلقه كل واحد الشهادة لله بالوحدانية له والألوهية .
( فاختلفوا ) فمنهم من كان على تلك الفطرة ، ومنهم من كذب ، واختار الكفر ، وهو ما روي : «كل مولود يولد على الفطرة إلا أن أبويه يهودانه ، وينصرانه »[ البخاري1385 ] أخبر أنهم على الفطرة لو تركوا على ذلك ، [ لكن ][ من م ، ساقطة من الأصل ] أبويه يمنعانه عن الكون عليها .
وقيل : ( وما كان الناس إلا أمة واحدة ) أي كان الخلائق جملة أمم كقوله : ( وما من دابة في الأرض ولا طير يطير بجناحه إلا أمم أمثالكم )[ الأنعام : 38 ] كأنه يعاتب هذه الأمة ؛ يقول : إن الأمم مع اختلاف جواهرها وأجناسها كانوا خاضعين لله مخلصين له ، فأنتم أيها الناس أمة من تلك الأمم ، فكيف اختلفتم ، وأشركتم غيره في ألوهيته وربوبيته مع ما ركب فيكم من العقل[ في الأصل وم : القول ] والتمييز بين ما هو حكمة ، وما هو سفه ، وفضلكم على غيرها من الأمم في خلق ما خلق في السموات وفي[ في الأصل وم : وما في ] الأرض لكم ، وسخر لكم ذلك كله ما لم يفعل ذلك بغيرها من الأمم ؟
ومنهم من قال من أهل التأويل في قوله : ( وما كان الناس إلا أمة واحدة ) زمن نوح ، ومن دخل معه إلى السفينة كانوا على دين واحد ، فاختلفوا بعدما خرجوا ، ومنهم من قال [ كانوا زمن ][ ساقطة من الأصل وم ] آدم ، فاختلف أولاده ، ومنهم من قال [ كانوا زمن ][ ساقطة من الأصل وم ] إبراهيم . لكنا نشهد كيف كان الأمر ، لا نعلم إلا بخبر من الله تعالى .
وقوله تعالى : ( وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) [ فيه وجهان :
أحدهما ][ ساقطة من الأصل وم ] : قيل : لولا أن من حكمه ألا يعذب هذه الأمة عند تكذيبهم الآيات [ إذا سألوها ][ من م ، في الأصل : عند السؤال ] ولكن أخر تعذيب هذه الأمة إلى يوم القيامة .
والثاني : ( ولوا كلمة سبقت من ربك ) ألا يستأصل هذه الأمة عند تكذيب الرسل والعناد لهم .
أحد التأويلين في ترك استئصالهم ، والآخر في تأخير العذاب إلى وقت .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.