بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلَّآ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَٱخۡتَلَفُواْۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيۡنَهُمۡ فِيمَا فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (19)

ثم قال : { وَمَا كَانَ الناس إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً } ؛ قال مقاتل : وما كان الناس إلاّ على ملة واحدة ، يعني : على عهد آدم وعلى عهد نوح من بعد الغرق كانوا كلهم مسلمين . { فاختلفوا } في الدين بعد ذلك . وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال : { وَمَا كَانَ الناس إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً } على عهداً آدم فاختلفوا حين قتل أحد بني آدم أخاه فتفرقوا مؤمناً وكافراً . وقال الكلبي : { وَمَا كَانَ الناس إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً } كافرة على عهد إبراهيم فتقرقوا مؤمناً وكافراً . وقال الزجاج { وَمَا كَانَ الناس } يعني العرب . كانوا على الشرك قبل مجيء النَّبي صلى الله عليه وسلم ، فاختلفوا بعده ، فآمن بعضهم وكفر بعضهم . وقال الزجاج : وقيل أيضاً : { وَمَا كَانَ الناس إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً } يعني : ولدوا على الفطرة واختلفوا بعد الفطرة .

{ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبّكَ } ، لولا أنَّ الله جعل لهم أجلاً للقضاء بينهم { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } في وقت اختلافهم ، ويقال : { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبّكَ } في اللوح المحفوظ بأن لا يعجل بعقوبة العاصين ويتركهم لكي يتوبوا ، { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } . وقال مقاتل : { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبّكَ } بتأخير العذاب عنهم إلى يوم القيامة { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } في الدنيا . وقال الكلبي : لولا أن الله تعالى أخبر هذه الأمة أن لا يهلكهم كما أهلك الذين من قبلهم لقضى بينهم في الدنيا { فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } من الدين .