الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلَّآ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَٱخۡتَلَفُواْۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيۡنَهُمۡ فِيمَا فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (19)

{ وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً } على ملة واحدة الإسلام دين آدم ( عليه السلام ) إلى أن قتل أحد ابني آدم أخاه فاختلفوا . قاله مجاهد والسدي .

قال ابن عباس : كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق فاختلفوا على عهد نوح فبعث الله إليهم نوحاً ، وقيل : كانوا أمة واحدة مجتمعة على التوحيد يوم الميثاق . وقيل : أهل سفينة نوح ، وقال أبو روق : كانوا أمة واحدة على ملّة الإسلام زمن نوح ( عليه السلام ) بعد الغرق ، وقال عطاء : كانوا على دين واحد الإسلام من لدن إبراهيم ( عليه السلام ) إلى أن غيّره عمرو بن يحيى ، عطاء : يدلّ على صحة هذه التأويلات قراءة عبد الله : { وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا } ، وقال الكلبي : وما كان الناس إلاّ أمة واحدة كافرة على عهد إبراهيم فاختلفوا فتفرقوا ، مؤمن وكافر .

{ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ } بأن جعل للدنيا مدة لكل أمة أجلا لا تتعدى ذلك ، قال أبو روق وقال الكلبي : هي أن الله أخّر هذه الأمة ولا يهلكهم بالعذاب في الدنيا ، وقيل : هي أنه لا يأخذ إلاّ بعد إقامة الحجة .

وقال الحسن ، ولولا كلمة سبقت من ربك مضت في حكمه أنه لا يقضي فيهم فيما اختلفوا فيه بالثواب والعقاب دون القيامة .

{ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } في الدنيا فأدخل المؤمنين الجنة بأعمالهم والكافرين في النار بكفرهم ولكنه سبق من الله الأجل فجعل موعدهم يوم القيامة .

وقال أبو روق : لقضي بينهم ، لأقام عليهم الساعة ، وقيل : الفزع من هلاكهم ، وقال عيسى ابن عمر : لقضى بينهم بالفتح لقوله : { مِن رَّبِّكَ } { فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } من الذين