معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱلۡيَوۡمَ نَخۡتِمُ عَلَىٰٓ أَفۡوَٰهِهِمۡ وَتُكَلِّمُنَآ أَيۡدِيهِمۡ وَتَشۡهَدُ أَرۡجُلُهُم بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (65)

قوله تعالى : { اليوم بما كنتم تكفرون اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون } هذا حين ينكر الكفار كفرهم وتكذيبهم الرسل بقولهم : ما كنا مشركين ، فيختم على أفواههم وتشهد عليهم جوارحهم .

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنبأنا أبو الحسن محمد بن عمرو بن حفصويه السرخسي ، سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة ، أنبأنا أبو يزيد حاتم بن محبوب ، أنبأنا عبد الجبار بن العلاء ، أنبأنا سفيان ، عن سهيل عن أبي صالح ، عن أبيه عن أبي هريرة قال : " سأل الناس النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال : هل تمارون في رؤية الشمس في الظهيرة ليست في سحاب ؟ قالوا : لا ، قال :فهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس في سحابة ؟ قالوا : لا ، قال : فوالذي نفسي بيده لا تضارون في رؤية ربكم كما لا تضارون في رؤية أحدهما ، قال : فيلقى العبد فيقول أي يقول الله ألم أكرمك ، ألم أسودك ، ألم أزوجك ، وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك تترأس وتتربع ؟ قال : بلى . فيقول : أفظنت أنك ملاقي ؟ فيقول : لا ، فيقول : قد أنساك كما نسيتني ، ثم يلقى الثاني فيقول له : مثل ذلك ، فيقول : يا رب آمنت بك وبكتابك وبرسلك وصليت وصمت وتصدقت ويثني بخير ما استطاع ، فيقال له : ههنا إذا ، قال : ثم يقال له : الآن نبعث شاهدناعليك ، ويتفكر في نفسه من ذا الذي يشهد علي ، فيختم على فيه ، يقال لفخذه : انطقي قال : فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بما كان بعمله وذلك ليعذر من نفسه ، وذلك المنافق ، وذلك الذي سخط الله "

أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد الطاهري ، أنبأنا جدي أبو سهل عبد الصمد بن عبد الرحمن البزاز ، أنبأنا محمد بن زكريا العذافري ، أنبأنا إسحاق بن إبراهيم الدبري ، أنبأنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن بهز بن حكيم بن معاوية ، عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنكم تدعون فيفدم على أفواهكم بالفدام فأول ما يسأل عن أحدكم فخذه وكفه " .

أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أنبأنا عبد الغافر بن محمد ، أنبأنا محمد بن عيسى الجلودي ، أنبأنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، أنبأنا مسلم بن الحجاج ، أنبأنا أبو بكر بن أبي النضر ، حدثني هاشم بن القاسم ، أنبأنا عبيد الله الأشجعي ، عن سفيان الثوري ، عن عبيد المكتب ، عن فضيل ، عن الشعبي ، عن أنس بن مالك قال : " كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك فقال : هل تدرون مم أضحك ؟ قال : قلنا الله ورسوله أعلم ، قال : من مخاطبة العبد ربه ، يقول : يا رب ألم تجرني من الظلم ؟ قال : يقول : بلى ، قال : فيقول : فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهداً مني ، قال : فيقول : كفى بنفسك اليوم عليك شهيداً وبالكرام الكاتبين شهوداً ، قال : فيختم على فيه ، فيقال لأركانه : انطقي ، قال : فتنطق بأعماله ، قال : ثم يخلى بينه وبين الكلام ، بعداً لكن ، وسحقاً فعنكن كنت أناضل " .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱلۡيَوۡمَ نَخۡتِمُ عَلَىٰٓ أَفۡوَٰهِهِمۡ وَتُكَلِّمُنَآ أَيۡدِيهِمۡ وَتَشۡهَدُ أَرۡجُلُهُم بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (65)

القول في تأويل قوله تعالى : { الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىَ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } .

يعني تعالى ذكره بقوله : الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أفْوَاهِهِمْ : اليوم نطبع على أفواه المشركين ، وذلك يوم القيامة وَتُكَلّمُنا أيْدِيهِمْ بما عملوا في الدنيا من معاصي الله وَتَشْهَدُ أرْجُلُهُمْ قيل : إن الذي ينطق من أرجلهم : أفخاذهم من الرجل اليُسرى بَمَا كانُوا يَكْسِبُونَ في الدنيا من الاَثام . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : حدثنا يونس بن عبيد ، عن حميد بن هلال ، قال : قال أبو بردة : قال أبو موسى : يدعى المؤمن للحساب يوم القيامة ، فيعرض عليه ربّه عمله فيما بينه وبينه ، فيعترف فيقول : نعم أي ربّ عملت عملت عملت ، قال : فيغفر الله لهم ذنوبه ، ويستره منها ، فما على الأرض خليقة ترى من تلك الذنوب شيئا ، وتبدو حسناته ، فودّ أن الناس كلهم يرونها ويدَعى الكافر والمنافق للحساب ، فيعرض عليه ربه عمله فيجحده ، ويقول : أي ربّ ، وعزّتك لقد كتب عليّ هذا الملك ما لم أعمل ، فيقول له الملك : أما عملت كذا في يوم كذا في مكان كذا ؟ فيقول : لا وعزّتك أي ربّ ، ما عملته ، فإذا فعل ذلك ختم على فيه . قال الأشعري : فإني أحسب أوّل ما ينطق منه لفخذه اليمنى ، ثم تلا : اليَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أفْوَاهِهِمْ وتُكَلّمُنا أيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أرْجُلُهُمْ بِمَا كانُوا يَكْسِبُونَ .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثني يحيى ، عن أبي بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن الشعبيّ ، قال : يقال للرجل يوم القيامة : عملت كذا وكذا ، فيقول : ما عملت ، فيختم على فيه ، وتنطق جوارحه ، فيقول لجوارحه : أبعدكنّ الله ، ما خاصمت إلا فيكنّ .

حدثنا بشر ، قلا : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أفْوَاهِهِمْ . . . الاَية ، قال : قد كانت خصومات وكلام ، فكان هذا آخره ، وَخَتَمَ على أفْوَاهِهِمْ .

حدثني محمد بن عوف الطائي ، قال : حدثنا ابن المبارك ، عن ابن عياش ، عن ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن عقبة بن عامر ، أنه سمع النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول : «أوّلُ شَيْءٍ يَتَكَلّمُ مِنَ الإنْسانِ ، يَوْمَ يَخْتِمُ اللّهُ على الأَفْوَاهِ ، فَخِذُهُ مِنْ رِجْلِهِ اليُسْرَى » .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلۡيَوۡمَ نَخۡتِمُ عَلَىٰٓ أَفۡوَٰهِهِمۡ وَتُكَلِّمُنَآ أَيۡدِيهِمۡ وَتَشۡهَدُ أَرۡجُلُهُم بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (65)

{ اليوم نختم على أفواههم } نمنعها عن الكلام . { وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون } بظهور آثار المعاصي عليها ودلالتها على أفعالها ، أو إنطاق الله إياها وفي الحديث " إنهم يجحدون ويخاصمون فيختم على أفواههم وتتكلم أيديهم وأرجلهم " .