{ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ } قال المفسرون إنهم ينكرون الشرك وتكذيب الرسل كما في قولهم : { والله ربنا ما كنا مشركين } فيختم الله على أفواههم ختما لا يقدرون معه على الكلام وفي هذا الفتات من الخطاب إلى الغيبة للإيذان بأن أفعالهم القبيحة مستدعية للإعراض عن خطابهم ثم قال :
{ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } أي تكلمت أيديهم بما كانوا يفعلونه وشهدت أرجلهم عليهم بما كانوا يعملون باختيارها بعد إقدار الله تعالى لها على الكلام ليكون أدل على صدور الذنب منهم . وقرئ : لتكلمنا ولتشهد بلام .
كما قيل : سبب الختم على أفواههم ليعرفهم أهل الموقف ، وقيل : ختم على أفواههم لأجل أن يكون الإقرار من جوارحهم لأن شهادة غير الناطق أبلغ في الحجة من شهادة الناطق لخروجه مخرج الإعجاز ، وقيل : ليعلموا أن أعضاءهم التي كانت أعوانا لهم في معاصي الله صارت شهودا عليهم .
وجعل ما تنطق به الأيدي كلاما وإقرارا لأنها كانت المباشرة لغالب المعاصي وجعل نطق الأرجل شهادة لأنها حاضرة عند كل معصية ، وكلام الفاعل إقرار وكلام الحاضر شهادة ، وهذا اعتبار الغالب وإلا فالأرجل قد تكون مباشرة للمعصية كما تكون الأيدي مباشرة لها .
وأخرج أحمد ومسلم والنسائي والبزار وغيرهم عن أنس في الآية قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فضحك حتى بدت نواجده قال : ( أتدرون مم ضحكت ؟ قلنا لا يا رسول الله قال : من مخاطبة العبد ربه يقول : يا رب ألم تجرني من الظلم . فيقول : بلى . فيقول : إني لا أجيز علي إلا شاهدا مني فيقول : { كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا } بالكرام الكاتبين شهودا فيختم على فيه ، ويقال لأركانه : انطقي فتنطق بأعماله ، ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقول : بعدا لكن وسحقا فعنكن كنت أناضل ) {[1405]} .
وأخرج مسلم والترمذي وابن مردويه والبيهقي عن أبي سعيد وأبي هريرة قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يلقى العبد ربه فيقول الله له ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع ؟ فيقول : بلى أي رب ، فيقول : أفظننت أنك ملاقي ؟ فيقول : لا ، فيقول : إني أنساك كما نسيتني ، ثم يلقى الثاني فيقول مثل ذلك ، ثم يلقى الثالث فيقول له مثل ذلك فيقول : آمنت بك وبكتابك وبرسولك وصليت وصمت وتصدقت ويثني بخير ما استطاع فيقول : ألا نبعث شاهدنا عليك فيفكر في نفسه من الذي يشهد علي ؟ فيختم على فيه . ويقال لفخذه : انطقي فتنطق فخذه وفمه وعظامه بعمله ما كان ، وذلك ليعذر من نفسه ، وذلك المنافق وذلك الذي يسخط عليه ) ، وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من حديث أبي موسى نحوه{[1406]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.