الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{ٱلۡيَوۡمَ نَخۡتِمُ عَلَىٰٓ أَفۡوَٰهِهِمۡ وَتُكَلِّمُنَآ أَيۡدِيهِمۡ وَتَشۡهَدُ أَرۡجُلُهُم بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (65)

أخرج أحمد ومسلم والنسائي وابن أبي الدنيا في التوبة واللفظ له وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أنس رضي الله عنه في قوله { اليوم نختم على أفواههم } قال « كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فضحك حتى بدت نواجذه قال : أتدرون ممن ضحكت ؟ قلنا : لا يا رسول الله قال : من مخاطبة العبد ربه فيقول : يا رب ألم تجرني من الظلم ؟ فيقول : بلى . فيقول : إني لا أجيز عليَّ إلا شاهداً مني فيقول : كفى بنفسك عليك شهيداً ، وبالكرام الكاتبين شهوداً ، فيختم على فيه ويقال لأركانه : انطقي ، فتنطق بأعماله ، ثم يخلى بينه وبين الكلام ، فيقول بعداً لكن وسحقاً ، فعنكن كنت أناضل » .

وأخرج مسلم والترمذي وابن مردويه والبيهقي عن أبي سعيد وأبي هريرة قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يلقى العبد ربه فيقول الله : أي قل ألم أكرمك ، وأسودك ، وأزوجك ، وأسخر لك الخيل والإبل ، وأذرك ترأس وتربع ؟ فيقول : بلى أي رب فيقول : أفطنت أنك ملاقي ؟ فيقول : لا . فيقول : فإني أنساك كما نسيتني . ثم يلقى الثاني ، فيقول : مثل ذلك . ثم يلقى الثالث فيقول له : مثل ذلك فيقول : آمنت بك ، وبكتابك ، وبرسولك ، وصليت ، وصمت ، وتصدقت ، ويثني بخير ما استطاع ، فيقول : ألا نبعث شاهدنا عليك ؟ فيفكر في نفسه من الذي يشهد عليَّ ، فيختم على فيه ، ويقال لفخذه : انطقي . فتنطق فخذه ، ولحمه ، وعظامه . بعمله ما كان ذلك يعذر من نفسه ، وذلك بسخط الله عليه » .

وأخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه ؛ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن أول عظم من الإِنسان يتكلم يوم يختم على الأفواه . فخذه من الرجل الشمال » .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : يدعى المؤمن للحساب يوم القيامة ، فيعرض عليه ربه عمله ، فيما بينه وبينه ، ليعترف فيقول : أي رب عملت . . عملت . . عملت ، فيغفر الله له ذنوبه ، ويستره منها قال : فما على الأرض خليقة يرى من تلك الذنوب شيئاً ، وتبدو حسناته فودَّ أن الناس كلهم يرونها . ويدعى الكافر والمنافق للحساب ، فيعرض ربه عليه عمله ، فيجحد ويقول : أي رب وعزتك لقد كتب عليّ هذا الملك ما لم أعمل ، فيقول له الملك : أما عملت كذا ، في يوم كذا ، في مكان كذا ؟ فيقول : لا وعزتك . أي رب ما عملته ، فإذا فعل ذلك ختم على فيه ، فأني أحسب أول ما ينطق منه لفخذه اليمنى ، ثم تلا { اليوم نختم على أفواههم . . . } .

وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم والبيهقي في الأسماء والصفات عن بسرة وكانت من المهاجرات قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « عليكن بالتسبيح ، والتهليل ، والتقديس ، ولا تغفلن واعقدن بالأنامل ، فإنهن مسؤولات ومستنطقات » .

وأخرج ابن جرير عن الشعبي رضي الله عنه قال : يقال للرجل يوم القيامة : عملت كذا وكذا . . فيقول : ما عملته . فيختم على فيه ، وتنطق جوارحه ، فيقول لجوارحه : أبعدكن الله ، ما خاصمت إلا فيكن .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أسماء بن عبيد رضي الله عنه قال : يؤتى بابن آدم يوم القيامة ومعه جبل من صحف لكل ساعة صحيفة ، فيقول الفاجر : وعزتك لقد كتبوا عليّ ما لم أعمل ، فعند ذلك يختم على أفواههم ، ويؤذن لجوارحهم في الكلام ، فيكون أول ما يتكلم من جوارح ابن آدم فخذه اليسرى .

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله { نختم على أفواههم } قال : فلا يتكلمون .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : كانت خصومات وكلام ، وكان هذا آخره أن ختم على أفواههم .

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه في الآية قال : أول ما ينطق من الإِنسان فخذه اليمنى .