وفي قوله { اليوم } إشارة إلى أن اللذات قد مضت وأيامها قد انقضت وليس بعد ذلك إلا العقاب . روى أهل التفسير أنهم يجحدون يوم القيامة كفرهم في الدنيا فحينئذ يختم على أفواههم وتتكلم جوارحهم . وفي الحديث " يقول العبد يوم القيامة إني لا أجيز شاهداً إلا من نفسي فيختم على فيه ويقال لأركانه : انطقي فتنطق بأعماله ثم يُخلى بينه وبين الكلام فيقول بعد الكنّ وسحقاً فعنكن كنت أناضل " . قال المتكلمون : إنه لا يبعد من الله تعالى إنطاق كل جرم من الأجرام إنطاق اللسان وهو فاعل لما يشاء . قال الحكيم : إنهم لا يتكلمون بشيء لانقطاع أعذارهم وانتهاك أستارهم فيقفون ناكسي الرؤوس وقوف القنوط اليؤس . وتكلم الأعضاء عبارة عن ظهور إمارات الذنوب عليهم بحيث لا يبقى للإنكار مجال كقول القائل : الحيطان تبكي على صاحب الدار إذا ظهر أمارات الحزن وأسبابه . ثم إنه تعالى أسند الختم إلى نفسه وأسند التكلم والشهادة إلى الأيدي والأرجل لكيلا يقال : إن الإقرار بالإجبار غير مقبول . وأيضاً إنه أسند التكلم إلى الأيدي والشهادة إلى الأرجل لأن الأعمال مستندة إلى الأيدي غالباً كقوله { وما عملته أيديهم } { فبما كسبت أيديكم } [ الشورى : 30 ] فهي كالعاملة ، والشاهد على العامل ينبغي أن يكون غيره . وإنما جعلت الشهادة عليهم منهم لأن غيرهم إما صالحون وهم أعداء للمجرمين فلهم أن يقولوا شهادتهم غير مقبولة في حقنا ، وإما فاسقون وشهادة الفسقة غير مقبولة شرعاً .
وههنا نكتة وهي أن الختم لازم للكفار في الدارين ، ختم الله على قلوبهم في الدنيا وكان قولهم بأفواههم كما قال { يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم } [ آل عمران : 167 ] ثم إذا ختم على أفواههم أيضاً في الآخرة لزم أن يكون قولهم بسائر أعضائهم . هذا وقد ذكرنا مراراً أنه تعالى كلما يذكر تمسك الجبرية يذكر عقيبه تمسك القدرية وبالعكس . وكان للقدرية أن تتمسك بقوله { يكسبون } { يكفرون } حيث اسند الله الكفر والكسب إليهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.