معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي  
{قَالُواْ مَآ أَخۡلَفۡنَا مَوۡعِدَكَ بِمَلۡكِنَا وَلَٰكِنَّا حُمِّلۡنَآ أَوۡزَارٗا مِّن زِينَةِ ٱلۡقَوۡمِ فَقَذَفۡنَٰهَا فَكَذَٰلِكَ أَلۡقَى ٱلسَّامِرِيُّ} (87)

قوله تعالى : { قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا } قرأ نافع ، و أبو جعفر ، وعاصم : ( بملكنا ) بفتح الميم ، وقرأ حمزة والكسائي بضمها ، وقرأ الآخرون بكسرها ، أي : ونحن نملك أمرنا . وقيل : باختيارنا ، ومن قرأ بالضم فمعناه بقدرتنا وسلطاننا ، وذلك أن المرء إذا وقع في البلية والفتنة لم يملك نفسه . { ولكنا حملنا } قرأ أبو عمرو ، و حمزة ، و الكسائي ، وأبو بكر ، و يعقوب : ( حملنا ) بفتح الحاء ، وتخفيف الميم . وقرأ الآخرون بضم الحاء وتشديد الميم ، أي : جعلونا نحملها وكلفنا حملها ، { أوزاراً من زينة القوم } من حلي قوم فرعون ، سماها أوزاراً لأنهم أخذوها على وجه العارية فلم يردوها . وذلك أن بني إسرائيل كانوا قد استعاروا حلياً من القبط ، وكان ذلك معهم حين خرجوا من مصر . وقيل : إن الله تعالى لما أغرق فرعون نبذ البحر حليهم فأخذوها ، وكانت غنيمة ، ولم تكن الغنيمة حلالاً لهم في ذلك الزمان ، فسماها أوزاراً لذلك . { فقذفناها } قيل : إن السامري قال لهم : احفروا حفيرة فألقوها فيها حتى يرجع موسى . قال السدي : قال لهم هارون إن تلك غنيمة لا تحل ، فاحفروا حفيرة فألقوها فيها حتى يرجع موسى ، فيرى رأيه فيها ، ففعلوا . قوله : { فقذفناها } ، أي : طرحناها في الحفرة . { فكذلك ألقى السامري } ما معه من الحلي فيها ، وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما : أوقد هارون ناراً وقال : اقذفوا فيها ما معكم ، فألقوه فيها ، ثم ألقى السامري ما كان معه من تربة حافر فرس جبريل . قال قتادة : كان قد صر قبضة من ذلك التراب في عمامته .